العقاب بهم لكفرهم برسلهم جعلوا منتظرين له لتحقق وقوعه إن بقوا على كفرهم، وذلك على سبيل المجاز، والإشارة بهؤلاء إلى كفار مكة للتَّحقير، والمراد بالصيحة الواحدة: نفخة البعث والقيامة.
والمعنى: ما ينتظر هؤلاء الكفار المجرمون من قومك الذين هم أمثال أولئك الطوائف المُهلكة في الكفر والتكذيب - ما ينتظرون - شيئا إلاَّ صيحة واحدة لا تحتاج إلى تَكْرير وترْديد، أَو مالها توقُّف مقدار فواق ناقة، والفواق: الزمن الذي بين حلبتي الحالب، ورضعتي الرَّاضع، وقيل: هل النفخة الأُولى رُوي عن أبي هريرة قال: حدَّثنا رسول الله - ﷺ - ونحن في طائفة من أصحابه، وذكر حديثا مطولًا جاء فيه: "يأمر الله - عز وجل - إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السموات وأهل الأرض إلاَّ من شاء الله، ويأمره فيمدُّها ويديمها ويُطوِّلها يقول الله - تعالى -: ﴿وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ﴾ اهـ: ملخصا من القرطبي.
وليس المراد أن النفخة نفسها عقاب لهم لعمومها للبرِّ والفاجر من جميع الأمم، بل المراد: أنه ليس بينهم وبين العذاب الذي يستحقونه إلاَّ هذه النفخة إن بقوا واستمروا على كفرهم، وقد لطف الله بهم ولم يستأصلهم كما فعل بكفار الأُمم السابقة إكرامًا لنبيه محمد - ﷺ - وفي ذلك يقول الله تعالى -: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ (١) ولأنه سبق في علم الله أَنهم سوف يسلمون، وقد مَنَّ الله عليهم بالإِسلام بعد فتح مكة.
﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (١٦)﴾
المفردات:
﴿قِطَّنَا﴾: قسطنا ونصيبنا.