وقد عرضت على سليمان - عليه السلام - ليعلم ويقف على مدى قدرتها وقوتها وحسن تدريبها على خوض المعارك التي يتطلبها صاحب رسالة وملك، فيغزو بها أعداءه ويؤمن حدوده ويبعث الرعب في قلوب من تحدثهم أنفسهم أن يعتدوا على ملكه.
٣٢ - ﴿فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي﴾ أي: فقال: إني آثرت حب الخير بسبب ما هو مذكور ومسطر في كتاب ربِّي وهو التوراة من مدح ربط الخيل وإمساكها على الثغور والحدود في مواجهة الأعداء فذكر - عليه السلام - أنه لا يحبها لأجل زينة الدنيا وزخرفها ونصيب النفس وحظها وشهواتها، وإنما أحبها لأمر الله - تعالى - وإعزاز دينه.
﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ أي: حتى غابت عن بصره - عليه السلام -.
٣٣ - ﴿رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ﴾:
أمر سليمان - عليه السلام - الرائضين للخيل والقائمين على شأنها أن يردوها ويعيدوها إليه، فلما عدت جعل يمسح سوقها وأعناقها تشريفًا وإعزازًا لها وشفقة عليها وإظهارًا لمكانتها، إذ هي من أعظم ما يساعد المجاهد ويعاونه في دفع عدوه والانتصار عليه، وقد أبدى - عليه السلام - كمال التواضع في مباشرة ذلك الأمر بنفسه. وهكذا يضرب الأنبياء الأمثال لأقوامهم وأتباعم ليتأَسوا بهم.
﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ﴾
المفردات:
﴿فَتَنَّا﴾: ابتلينا وامتحنا.
﴿جَسَدًا﴾: جسد إنسان.
﴿أَنَابَ﴾: رجع إلى ربه.