٥٥ - ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾:
أي: واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم وهو القرآن، أو العزائم دون الرخص، وقال ابن زيد: يعني المحكمات وكِلُوا المتشابه إلى علمه.
ولعل الأحسن ما هو أنجى وأسلم كالإنابة والمواظبة على الطاعة من قبل أن يجيئكم العذاب فجأة وعلى غير استعداد، وأنتم لا تشعرون، أي: لا تعلمون أصلًا بمجيئه فتتداركون ما يدفعه عنكم.
٥٦ - ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾:
أي: أنيبوا إلى ربكم وأسلموا له، واتبعوا أحسن ما أُنزل إليكم من ربكم كراهة أن تقول نفس آثمة مذنبة: يا ندامتى ويا حسرتي وأسفى على ما ضيعت وتصرف في جنب الله أي: في حق الله - تعالى - حال أن كنت من المستهزئين بكتابه ودينه ورسله.
قال الراغب: أصل الجنب الجارحة، ثم استعير للناحية والجهة - والمراد هنا: الجهة مجازًا، والكلام على تقدير مضاف أي: في جنب طاعة - الله أو في حقه - تعالى - أي: ما يحق له - سبحانه - ويلزم وهو طاعته - عز رجل - والتفريط في جهة الطاعة كناية عن التفريط في الطاعة نفسها؛ لأن من ضيع جهة ضيع ما فيها بطريق الأولى.
وتنكير (نفس) في قوله تعالى: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ﴾ للتكثير بقرينة المقام، ويجوز أن يكون تنكيرها للتبغيض؛ لأن القائل بعض الأنفس، واستظهره أبو حيان.
٥٧ - ﴿أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾:
أو تقول تلك النفس المذنبة: لو أن الله هداني بالإرشاد والدلائل المؤصلة، لكنت من الذين وقوا أنفسهم من عذاب الله وعقابه بالإيمان والعمل الصالح، وفسر أبو حيان الهداية بخلق الاهتداء.
٥٨ - ﴿أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾:
أو تقول تلك النفس المذنبة حين تشاهد العذاب وتعاين أهواله وشدائده: ليت لي رجعة إلى الحياة الدنيا فأكون من المحسنين في العقيدة والعمل، المؤمنين العاملين بما نزل، وهكذا