﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا﴾: قسم فيها أَرزاق أَهلها ومعايشهم وما يصلحهم، وقيل غير ذلك، وسيأْتى لذلك مزيد بيان في الشرح.
﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ﴾: في أربعة أيام كاملة لا نقصان فيها ولا زيادة.
التفسير
تمهيد:
بين الله - سبحانه - في الآيات السابقة أَن رسوله محمدًا - ﷺ - لم يكن إلا بشرًا كسائر البشر. أُوحى إِليهِ من ربه: أَن إلههم إله واحد، وأَمرهم أَن يستقيموا في عبادته ويستغفروه عما فرط منهم من المعاصي والسيئات، وهدد بالويل والثبور أولئك المشركين الضالين الذين لا يزكون أنفسهم، ولا يطهرونها بالإيمان بشريعة الله، وهم يكفرون بالآخرة وما فيها من جنة ونار وثواب وعقاب، كما بين - جل شأْنه - أَن للمؤمنين الصالحين أَجرًا دائمًا، وثوابًا عظيمًا غير مقطوع، وبعد أَن بين ذلك قال - سبحانه - في تخطئة من كفر به:
٩ - ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا... ﴾:
قد يتبادر إلى بعض الأذهان أن المراد من اليوم في الآية ما تعارف عليه الناس، من أنه من الفجر إلى غروب الشمس، أو من شروقها إلى غروبها، أو مجموع النهار والليل.
ولكن هذا الذي يتبادر إلى بعض الأَذهان غير صحيح، فقبل خلق الأَرض لم يكن الليل والنهار موجودين، فإنهما نشآ بعد وجود الأَرض ودورانها حول محورها وحول الشمس، على أَن النهار والليل بنظامهما في أرضنا ليس موجودا في كوكب آخر، فلو أنك ذهبت إلى القمر أو إلى أَي كوكب غيره لوجدت الليل والنهار يختلفان عن نظامهما في أَرضنا هذه.
إذا عرفت هذا فاعلم أَن اليومين اللذين خلق الله فيهما ذات الأَرض وجسمها من أيام الله - تعالى - وأيامه - جل وعلا - تختلف في شئونه، فمرة يكون اليوم ألف سنة، قال - تعالى -: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ


الصفحة التالية
Icon