عمرو بن عبيد بقوله: كفروا به، بعد قوله لما جاءَهم، أَي: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءَهم كفروا به في حال أنه كتاب عزيز... إلخ.
التفسير
٤٠ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾:
إن الذين يميلون عن الحق في شأْن آياتنا، فيكذبون القرآن، ويصفرون ويصفقون عند قراءة النبي - ﷺ - له، ويصفونه بالكذب وبالسحر وبالشعر وبأَساطير الأولين إِن هؤُلاء الملحدين - لا يخفون علينا، فنحن نعلمهم ونعم إلحادهم، وسوف نجازيهم بالنار على هذا الإلحاد.
﴿أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّار﴾ جزاء له على إلحاده خَيْرٌ ﴿أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا﴾ منها يوم القيامة، جزاء له على إيمانه، ولا يقتصر أَمرهم على ذلك، بل يدخلون الجنة خالدين فيها أبدا.
ثم هدد الله الملحدين فقال: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ فلا تخفون عليه ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ (١).
٤١، ٤٢ - ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾:
إن الذين كفروا بالقرآن حين جاءَهم من غير مُهلة يفكرون فيها في أَمره - إن هؤلاء - كفروا به وإِنه لكتاب عزيز منيع لا تتأَتى معارضته، ولا يأْتية الباطل من جميع جهاته لغة، وعقيدة، وتشريعًا، وقصصًا، وانسجامًا، وترتيلا، فهو في هذه قمة لا ترام ولا تنال، منزَّل من إله ﴿حَكِيمٍ﴾ يأتي بالمعجزات التي لا يمكن معارضتها تأييدًا لرسله، ويضع الشيء في موضعه ﴿حَمِيدٍ﴾ محمود على ما أسدى من مختلف أنواع النعم، التي منها تنزيل هذا الكتاب - محمود على ذلك - بلسان القال أو بلسان الحال، من كل مخلوق نالته نعمه - سبحانه -، وإذا كان القرآن بهذه المثابة، فكيف يكفر به الكافرون ويجحده الجاحدون؟
٤٣ - ﴿مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُومَغْفِرَةٍ وَذُوعِقَابٍ أَلِيمٍ﴾: (٢)

(١) سورة الشعراء، من الآية: ٢٢٧.
(٢) ﴿إن ربك لذو مغفرة﴾ تعليل لما فهم من السياق من الأَمر بالصبر، وقيل: هي مقول القول الثاني، مقصود لفظها لتكون نائب فاعل لقيل.


الصفحة التالية
Icon