مقدمة:
سورة (ق) سورة عظيمة في مبانيها ومعانيها، لها تأثير واغل في أعماق النفوس، ولهذا كان النبي - ﷺ - يخطب بها يوم الجمعة، جاء في صحيح مسلم عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت: (لقد كان تنُّورُنا (١) وتنُّور رسول الله ﷺ واحدًا سنتين أو سنة وبعض سنة، وما أخذتُ "ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ" إلا عن لسان رسول الله ﷺ يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس).
وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سأل أبا واقد الليثى: "ما كان يقرأُ به رسول الله ﷺ في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ فيهما بـ "ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ" و"اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ".
وعن جابر بن سمرة (أن النبي - ﷺ - كان يقرأُ في الفجر بـ "ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ" وكانت صلاته بعدُ تخفيفًا) وكل ذلك قد حدث وهو مروى بصحاح الأحاديث.
التفسير
١ - (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ):
(ق) سبق الكلام على مثله من الحروف في سورتي البقرة وآل عمران، فارجع إليه فيهما، والقرآن: هو الكتاب الذي أنزله الله بلفظه على نبيه محمَّد - ﷺ - ليكون معجزة مؤيدة له، باقية إلى قيام الساعة، أما معجزات الأنبياء قبله فقد فَنِيَت ولم يبق منها إلاَّ الحديث عنها.
وقد وُصِف القرآن بلفظ (الْمَجِيدِ) بمعنى ذي المجد والشرف، وشرفه بالنسبة إلى سائر الكتب واضح، أما غير الإلهية فظاهر، وأما الإلهية فلإعجازه وكونه غير منسوخ بغيره، واشتماله مع إيجازه على أسرار يضيق عنها كل واحد منها.