انشقاق البحر لبني إسرائيل حتى عبروا على أرض يابسة، والماء على أيمانهم وشمائلهم، لا يصيبهم منه شيء، وكذلك شأن آيات المرسلين، فهي خارقة للعادة، لا يمكن للبشر أن يأتوا بمثلها، حتى تكون آية ومعجزة أيدهم الله بها، للدلالة على صدقهم.
٣ - ﴿وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ﴾:
وكذبت قريش هذه الآية، واتبعوا أهواءهم في تكذيبهم إياها، مع أنها واضحة الدلالة على صدقه، وكل أمر من الأمور منته إلى غاية يستقر عليها لا محالة، ومن حجتها أمر النبي - ﷺ - فسوف يمضي إلى غاية يتبين عندها حقيقته وعلو شأنه، ولن ينجح عنادهم في إبطال أمره، ومنع استقراره.
٤، ٥ - ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾:
أي: وبالله فقد جاء قريشًا في القرآن من أخبار الأولين وأخبار الساعة، ما فيه ازدجار وانتهاء عمَّا هم فيه من الضَّلَال والقبائح. هو حكمة واصلة إلى غاية الأحكام لا خلل فيها ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ (١) ولكنهم أصروا على الكفر والتكذيب، فأيَّ إغناء تغنيه النذر عنهم، وأية فائدة تحصل لهم.
والنُّذُر: جمع نذير، بمعنى منذر.
﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)﴾