أن الأَمر ليس كذلك، بل هو متجاوز الحد في الكذب شديد البَطَر. وهو على ما قاله الراغب: دَهَشٌ يعترى الإنسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها إلى غير وجهها، ويقاربه في المعنى: الطرب، وهو خفةٌ أَكْثَرُ ما تعترى الإنسان في الفرح، والتعبير بالإلقاء يتضمن العجلة في ادعائه النبوة دون تدرج، وقوله تعالى: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ﴾ حكاية لما قاله سبحانه لنبيه صالح - عليه السلام - وعدًا له، ووعيدًا لقومه، أي: سيعلمون عن قريب عند نزول العذاب بهم أو يوم القيامة من هو الكذاب الأَشر الذى حمله أَشره وبطره على ما ادَّعاه، أَهو صالح أَم من كذبه؟ والمراد أَنهم سيعلمون لا محالة أنهم هم الكذابون الأَشرون وقد أُورِدَ لك مورد الإبهام إيماء بأنه لا يكاد يخفى.
والإتيان بالسين في قوله: ﴿سَيَعْلَمُونَ﴾ لتقريب مضمون الجملة وتأكيده.
﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢)﴾
المفردات:
﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ﴾ أي: مخرجوها وباعثوها في الصخرة الملساء ﴿فِتْنَةً لَهُمْ﴾: ابتلاءً واختبارًا.
﴿فَارْتَقِبْهُمْ﴾: فانتظر ما يؤول إليه أمرهم.
﴿وَاصْطَبِرْ﴾: اصبر على أَذاهم حتى يأْتي أمر الله.