والأرض، وقال الطيبى: المراد من قوله تعالى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ ملزوم معناها؛ لأنها كناية عن مجىء وقت الجزاء، وهو من أَجَلِّ النعم على المؤمنين، ولذلك خص الجلال والإكرام بالذكر، لأنهما يدلان على الإثابة والعقاب، تبشيرًا للمؤمنين، وتحذيرًا للعباد من ارتكاب ما يترتب عليه العقاب، ولذلك رتب عليها بالقاء قوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾.
٢٩ - ٣٠ - ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (١) (٢٩) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾:
المراد بمن في السموات والأرض: أهلهما من الملائكة والإنس والجن وغيرهم ممن لا يعلمهم إلا الله - تعالى - فالله - سبحانه وتعالى - لم يجعل الجنة كعرض السموات والأرض لأهل هذه الأرض، بل لهم ولغيرهم من المكلفين فيهما ممن نعلمه ومن لا نعلمه، فقد جاء في القرآن أن الأرض سبع كالسموات، قال تعالى في آخر سورة الطلاق: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ﴾ وكان ابن عباس يرى أن الأرضين الأخرى بها مكلفون مثلنا، كما أن سكان السماء لا نستطيع القطع بأنهم الملائكة فحسب، فقد يكون فيهن سكان عقلاء مكلفون، فلهذا جعل الله الجنة كعرض السماء والأرض، لكي تتسع للمكلفين فيهن، والله - تعالى - أعلم.
والمراد من كل يوم كل وقت من الأوقات، ولحظة من اللحظات، والمراد من الشأن الشئون المختلفة، فهو مفرد في معنى الجمع، كما في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا﴾ أي: أطفالًا.
وشئون الله تعالى في كل لحظة لا تعد ولا تحصى، كما أن كلامه لا يعد ولا يحصى، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ (٢)، ومن شئونه - جل وعلَا - أنه ينشيء أشخاصًا ويفنى آخرين، ويغفر
(٢) سورة لقمان من الآية: ٢٧.