﴿تَفَكَّهُونَ﴾: تتعجبون من سوه حاله وتندمون.
﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾: لمعذبون بهلاك أموالنا.
﴿نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾: لا حظ لنا أو محرومون الرزق بالكلية.
التفسير
٦٣، ٦٤ ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ* أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾:
هذه حجّة أخرى ودليل علي البعث، أي: أخبروني عما تحرثون من أرضكم فتطرحون فيها البذر أأنتم تنبتونه وتحصِّلونه زرعًا فيكون فيه السنبل والحبّ أم نحن نفعل ذلك، وإنما منكم البذر وشقّ الأرض؟ فهذا أقررتم بأن إخراج السنبل من الحب الذي بُذر ليس إليكم فكيف تنكرون إخراج الأموات من الأرض وبعثهم؟ وأضاف الحرث إليهم والزرع إليه - تعالى - لأنّ الحرث فِعلُهم ويجرى على اختيارهم. والزرع من فعل الله وينبت علي اختياره لا على اختيارهم - روى أبو هريرة عن النبي - ﷺ - أنه قال: "لا يقولنّ أحدُكم زرعت وليقل حرثتُ فإن الزارع هو الله" (١).
قال أبو هريرة: ألم تسمعوا قول الله - تعالى - ﴿أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾.
قال الماورديّ: وتتضمن هذه الآية أمرين: أحدهما: الامتنان عليهم بأنه أنبت زرعهم حتي عاشوا به ليشكروه على نعمته عليهم - الثاني: البرهان الموجب للاعتبار؛ لأنه لما أنبت زرعهم بعد تلاشى بذره وانتقاله إلى استواء حاله من العفن والتتريب حتى صار زرعا أخضر ثم جعله قويًّا مشتدا أضعاف ما كان عليه، فهو بإعادة من أمات أقوى عليه وأقدر.
وفي هذا البرهان مقنع لذوى الفطر السليمة.
٦٧، ٦٦، ٦٥ - ﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ* إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾:

(١) انظر سنن البيهقي ج ٦ ص ١٣٨ باب ما يستحب من حفظ المنطق في الزرع.


الصفحة التالية
Icon