٧٣ - ﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ﴾:
﴿نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً﴾ استئناف معين لمنافع النار مبين لفوائدها أي: نحن جعلنا النار تذكيرًا لنار جهنم حيث علّقنا بها أسباب معاشهم لينظروا إليها ويذكروا بها ما أوعدوا به وهددوا، أو جعلناها تذكرة وأنموذجا من جهنم لما في الصّحيحين وغيرهما عن أبي هريرة عن رسول الله - ﷺ - قال: "ناركم هذه التي توقدون جزءا من سبعين جزءًا من نار جهنم" وقيل: تبصرة في أمر البعث؛ لأن من أخرج النار من الشجر الأخضر المضاد لها قادر على إعادة ما تفرقت مواده ﴿وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ﴾ ومنفعة لهم، والمقوون الّذين ينزلون القواء وهي القفر وتخصيص المقوين بذلك؛ لأنهم أحوج إليها فإن المقيمين ليسوا بمضطرين إلى الاقتداح بالزِّناد، وقيل ﴿لِلْمُقْوِينَ﴾ أي: المسافرين أو الفقراء والجائعين ولعل الأقرب أن المراد بالإقواء: الاحتياج فإن المنتفع بالنار محتاج إليها.
٧٤ - ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾:
هذا القول مرتّب علي ما عدّد من بدائع صنعه وروائع نعمه، والمراد فَدُم على التسبيح واستمر عليه بذكر اسم ربك العظيم؛ لأنه عليه السلام غير معرض عن ربه، وتعقيب الأمر بالتسببح بعد ما عدد وذكر من النعم إما أولًا: لتنزيهه سبحانه عما يقوله الجاحدون لوحدانيته عزّ وجل، الكافرون بنعمه مع عظمها وكثرتها، أو ثانيًا للشكر على تلك النعم السابقة التي عدَّها ونبه عليها، أو ثالثًا للتعجب من أمرهم في غمط آلائه وآياته الظاهرة، ويحتمل الكلام عموم الخطاب كل من يتأتى خطابه...


الصفحة التالية
Icon