التفسير
٢٩ - ﴿بَلْ (١) مَتَّعْتُ هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ﴾:
أي: بل متعت أهل مكة المعاصرين للرسول - ﷺ - وآباءهم بالإمهال في الدنيا والنعمة، وهم على ما هم عليه من الوثنية، حتى جاءهم القرآن بالتوحيد وهو الحق من ربهم، وجاءهم رسول ظاهر الرسالة من عند الله تعالى، بما أيدناه به من المعجزات الباهرات، وكان عليهم أن يتركوا ما هم عليه من الوثنية والاشتغال بمتاع الحياة الدنيا، بعد أن جاءهم الحق الذي كان عليه إبراهيم - عليه السلام - على لسان الصادق الأمين، ولكنهم عكسوا فجعلوا ما هو سبب للطهر من أدران الماضى والرجوع عنه - جعلوه - سببًا للتوغل فيما كانوا عليه من ضلال مبين، ووصف هذا الحق بأنه سحر مبين، وكفروا به، كما حكاه الله بقوله:
٣٠ - ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ﴾:
وحين جاء قريشًا القرآن الذي هو حق من ربهم ليخلصهم من ضلالهم، ويرشدهم إلى التوحيد ازدادوا شرًّا، وضموا إلى شركهم معاندة الحق والاستخفاف به، فسموا القرآن سحرا وكفروا به، واحتقروا رسول الله - ﷺ - وذلك ما حكاه الله بقوله:
٣١ - ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾: مكة والطائف.
﴿عَظِيمٍ﴾: في قومه بالرياسة والجاه والمال، يعنون بهذا الرجل الوليد بن المغيرة المخزومى من مكة، وحبيب بن عَمرو بن عُمَيْر الثقفى من الطائف.
وقال قتادة: الوليد بن المغيرة، وعروة بن مسعود الثقفي، وكان الوليد رجلًا ثريًّا له رياسة وجاه في قومه بمكة، وكانوا لذلك يسمونه ريحانة قريش، وكان يقول: لو كان ما يقوله محمَّد حقًّا لنزل عليَّ أو على أبي مسعود - يقصد بأبي مسعود عروة بن مسعود الثقفى، وكان يكنَّى بأبى مسعود.