بأنفها، كلكم بنوآدم، وآدم من تراب، إن الله أذهب عنكم عَيْبةَ الجاهلية (١) وفخرها بالآباء، الناس مؤمن تقى وفاجر شقى".
وفسر بعضهم الذّكر بالتذكير، أي: وإن القرآن لتذكير لك ولقومك.
ثم ختم الله الآيتين بقوله: ﴿وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ أي: وسوفَ تسألون يوم القيامة عن القرآن الذي شرف الله به قومك، أي: تُسأَلون عن القيام بحقوقه.
٤٥ - ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾:
كانت قريش تعبد الأوثان زاعمة أنهم يتقربون بعبادتها إلي الله، وذلك ما حكاه الله بقوله: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ (٢). وقد كذبوا، فأى صله بين أحجار لا تضر ولا تنفع وبين الله الخالق الرازق، حتى يتقربوا بعبادتها إليه سبحانه: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ (٣) والله أقرب إلى عباده من حبل الوريد.
ولما دعاهم النبي - ﷺ - أن يتركوا عبادتها إلى عبادة الله تعالى وحده، عجبوا من ذلك وقالوا ما حكاه الله عنهم في سورة ﴿ص﴾ بقوله: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ (٤). ولما أفهمهم أن الله لا يرضى عن ذلك وأن الكتب السماوية مجمعة على تحريم عبادتها وتكفير من يعبدها قالوا: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ﴾ (٥) وقصدوا بالملة الآخرة النصرانية، وأهلُها يتعبدون بالعهد القديم الشامل للتوراة، والعهد الجديد الذي هو الإنجيل، وقد كذبوا فالتوراة والإنجيل حرما عبادة غير الله تعالى، وقد أمر موسى قومه بمحاربة الوثنيين في الأرض المقدسة، فامتنعوا لجبروت هؤلاء الوثنيين، وقالوا لموسى: ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ (٦) فحبسهم الله في التيه
(٢) سورة الزمر، من الآية: ٣.
(٣) سورة ص، من الآية: ٦٥.
(٤) الآية رقم: ٥.
(٥) سورة ص - الآية رقم: ٧.
(٦) سورة المائدة، من الآية: ٢٤.