٧٠ - ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ﴾:
أي: يقال لهم: يا عبادى الذين آمنوا ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم المؤمنات أو أنتم وقرناؤكم من المؤمنين تسرون سرورًا عظيمًا يظهر حَباره - بفتح الحاء وكسرها - أي: أَثره على وجوهكم نضرة وحسنا، كقوله - تعالى -: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ (١) وقيل: تكرمون: قاله ابن عباس والكرامة في المنزلة: الحُسْن.
٧١ - ﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾:
أي: بعد دخول المؤمنين الجنة حيث فعلوا ما أمروا به: يطاف عليهم بأطعمة في صحاف من ذهب وبأشربة في أكواب من ذهب، وجواز استعمالها خاص بأهل الجنة لزيادة أسباب النعيم لهم، أما لأهل الدنيا فلا يجوز، روى الأئمة من حديث أم سلمة قالت: قال رسول الله - ﷺ -: "لا تَشرَبُوا في آنيةِ الذهبِ والفضةِ ولا تأكلوا في صحافِهما" وهذا يقتضي التحريم ولا خلاف في ذلك كما قال القرطبي، ولم تذكر في الآية الأطعمة ولا الأَشربة حيث إنه لا معنى للإطافة بالصحاف والأكواب من غير أن يكون فيها شيءٌ، واستغنى بوصف الصحاف بقوله (من ذهب) عن الإعادة مع الأكواب، كما في قوله تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ﴾ (٢) ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ﴾ تعميم ببيان أن فيها كل ما تشتهيه الأنفس من الطيبات وتلذ الأعين بمشاهدته من أنواع الجمال، وذلك شامل لكل نعيم ولذة، أما الإطافة عليهم بأوانى الذهب والفضة فهو بمعنى أنواع التنعيم والترفيه، قال سعيد بن جبير: المراد من قوله: ﴿وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ﴾ النظر إلى الله - عز وجل - كما في الخبر: "أسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم" ﴿وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ أي: باقون دائمون في الجنة أبد الآبدين، قال القرطبي: لأنها لو انقطعت لتبغضت؛ فإن كل نعيم زائل موجب لكلفة الحفظ، ومُستَعقِب للحسرة عند فقده. والالتفات من الغيبة إلى الخطاب للتشريف.
(٢) سورة الأحزاب، من الآية: ٣٥.