التفسير
١ - (حم) سبق الحديث مفصلًا عن حروف المعجم التي افتتحت بها أوائل بعض السور ولا سيما أول سورة البقرة.
٢، ٦ - ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦)﴾:
أقسم الله سبحانه بالقرآن المظيم تشريفا له وتنويها بعلو قدره حيث قال: ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ وأشار جواب هذا القسم إلى أن إنزاله في ليلة ذات فضل وبركة لما ينزل الله على عباده فيها من البركات والخيرات بنزوله المستتبع للفوائد الدينية والدنيوية بأجمعها حيث قال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ وهي ليلة القدر على الأصح بدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ (١) وقوله: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ (٢) ويراد من إنزاله فيها أنه ابتدئ إنزاله كما قيل، أو أُنزل جملة فيها إلى السماء الدنيا من اللوح المحفوظ، ثم نزل به جبريل - عليه السلام - على الرسول منجما في ثلاث وعشرين سنة علي حسب الأسباب، وقيل: كان ينزل منه في كل ليلة من ليالى القدر إلى سماء الدنيا ما ينزل في سائر السنة.
وفي تعيين هذه الليلة من شهر رمضان أقوال كثيرة، أشهرها: أنه أنزل في إحدى ليالى الوتر من العشر الأخير منه، ومنهم من قال: إنها ليلة السابع والعشرين منه، وهو المشهور بين الناس. ومن العلماء من قال: إن الليلة المباركة هي ليلة النصف من شعبان، وقال القرطبي نقلا عن الزمخشرى: وليس في ليلة النصف من شعبان حديث في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليها، وفي البحر قال الحافظ أبو بكر ابن العربي: لا يصح فيها شيء ولا نسخ الآجال فيها، وعلق الآلوسي على ذلك بأنه لا يخلو من مجازفة، والله أعلم.
(إنا كنا منذرين): استئناف مبين لما يقتضي الإنزال كأنه قال: إنا أنزلناه لأن من شأننا ألا نترك الناس دون إنذار وتحذير من العذاب رحمة بهم لنلزمهم الحجة
(٢) سورة البقرة، من الآية: ١٨٥.