إِذا لم يكن في الحب سَخَط وَلَا رِضَى فَأيْنَ حَلَاوَاتُ الرسَائِلِ والكُتْب (١)
وأخذنا نضيف إلى ذلك من الأغراض، في طرفي الِإبرام والانتقاض، ما حرك فيهم إلى مبرتي داعي الانتهاض، وأقبلوا يتعجبون مني، ويسألون كم سني، ويستكشفونني عني، فبقرت لهم حديثي، وذكرت لهم نجيثي (٢)، وأعلمت الأمير بأن أبي معي، فاستدعاه، وقمنا الثلاثة إلى ماواه، فخلع علينا خِلَعَهُ، وأسْبَلَ أدمُعَهُ، وجاء كل خِوَانٍ (٣) بأفنان الألوان (٤)، فقال لنا: لا تسرفوا فإن الشبَعَ بأثَرِ الجوع معطب، وكأني بكم لم ينزل بكم سغب.
وأقمنا عنده حتى ثابت إلينا نفوسنا، وذهب عنا بؤسنا، وَسَألَنَا الإقامة عنده على أن يُصَيِّرَ إلينا صدقات بني سُلَيْم كلها، فأبينا إلاَّ الاستمرار على العزيمة الأولى، والتصميمَ إلى المرتبة الكريمة التي كانت بنا أولى، ففارقناه على ضنانة بنا وحرص علينا، وإلى الآن يرد عَلَيَّ ذِكْرُهُ
(١) البيت لأبي حفص الشَّطْرَنْجِي كما في شرح ديوان المتنبي للواحدي: ٤٩٨ (ط: برلين ١٨٦١) وينسب إلى أبي العباس بن الأحنف كما في "التبيان في شرح الديوان" للعكبري: ٢/ ٣٠٥ (ط: بتحقيق مصطفى السقا وآخرين: بيروت) و "زهر الآداب" للحصري ١/ ١١ (ط: دار إحياء الكتب العربية بتحقيق: علي بيجاوي).
(٢) النجيث هو السر المخفي.
(٣) الخِوَانُ هو ما يوضع عليه الطعام عند الأكل.
(٤) هنا ينتهي النص المنقول في النفح والأزهار والرهوني وشجرة النور.


الصفحة التالية
Icon