إلى أمير المؤمنين (١) أمرنا، فأمر بتكرمتنا وإدنائنا (٢)، وأجرى معروفاً كبيراً لنا، وأباح الديوان لمدخلنا ومخرجنا، فَوَقَّرَتْنَا العلماء، وأكرمتنا المشيخة، وأظهرت الجماعة لنا المزيّة، ونعم العون على العلم الرئاسة (٣).
ذكر التوصل إلى المطلوب من العلم
وكنت إبَّان طلبي في الأقطار، ودرسي آناء الليل والنهار، ولقائي أولي البصائر والأبصار، لا أمل لي إلاَّ التشوف إلى المقصد الأسنى، المنتحى في كل معنى، وهو معرفة الله تعالى؛ لأنا إن نظرنا في العالم لم ننظر فيه من حيث إنه متقن الصنعة، أو جميل المنظرة، أو عام المنفعة، أو كبير الجِرْم، وإنما نبتهل به، ونُقْبِلُ بوجه النظر إليه، من حيث إنه صنعة الله.
وإن نظرنا في النبي - ﷺ - لم ننظر فيه من حيث أنه آدمي أو قرشي أو ذو منظر بهي، وإنما ننظر فيه من حيث أنه رسول الله.
(٢) وذلك بخطاب أميري في: ١٢ رجب ٤٩١، قال الوزير محمد بن جهير في حقهما: "... وكذلك هذا الفقيه (أي والد ابن العربي) وولده ممن شاهدنا من خلالهما وحسن هديهما، بما يقتضي تقريبهما وإدناؤهما، فرأيناهما واعتمدنا برهما وإكرامهما إحساناً وتعطفاً عليهما وامتناناً" شواهد الجلة: ٣٠/أ.
(٣) قال المؤلف في كتابه "ترتيب الرحلة في الترغيب إلى الملة": "... نعمت المعرفة التعرف بالسلطان، والتشوف به عند التغرب من الأوطان، ونعم العون على العلم الرئاسة بالأمن والاستيطان". عن كتاب "المَنُّ بِالإمَامَةِ" لابْنِ صَاجبِ الصلاَة: ٢٥٨ - ٢٥٩.