فَدَلَّ على التوحيد بتسويتها حسنةَ الخلقة في أحسن تقويم من اعتدال الصفة، ونبه على العلم والعمل، وذكر نكتة ينبغي أن تزدادوا بها تبصيراً، ولا تألوا في كل آية لها تذكيراً، وهي قوله: ﴿فَأَلْهَمَهَا﴾: والإِلهام (١) هو الذي يخلقه الله ابتداءً في النفس، ويأتي للعبد من غير نظر، فجاء بلفظ الإِلهام حين أراد العموم في الآدمي والبهيمة، ولما ذكر الآدمي وحده قال: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: ١٠] (٢).
وهكذا متى جاء ذكر الآدمي وحده على الاختصاص، ذكر الهدى، ومتى جاء مضافاً إلي غير جنسه، ذُكِرَ من الألفاظ ما يعمّ الجنسين من حقيقة ما هما عليه من المُتَعَلَّقَيْنِ.
ثم بين الفجور والتقوى، وشرح النفع والضر، وأمر ونهي، ووعد وأوعد، ودبّر وقدّر، ونبّه على الفضيلة التي بها ينتظم حال الرد على الرذيلة ويتيسر بها جمع شملها في الوجودين، وللتقوى والفجور بواعث وعليها روادع وحثائث، ولهذا معين، ومن تلك قاطع، وجند الله منقسمة على

(١) انظر تعريف الإلهام في: بيان كشف الألفاظ لأبي المحامد اللاّمشي: ٢٥٤ التعريفات للجرجاني: ١٩، كشاف اصطلاحات الفنون: ١٣٠٨ (ط: خياط).
(٢) انظر في التعليق على هذه الآية الكريمة: الأفعال: ٢١٤/ ب، والسراج: ٧٦/ ب، ٧٧/ أ.


الصفحة التالية
Icon