١ - إنفاذ الوعد والوعيد.
٢ - تحريف التأويل في أحاديث الرسول - ﷺ -، وتحكيم مبدأ التأويل في المحكم من التنزيل.
٣ - الطعن في أحاديث الشفاعة واتهامها بالضعف، وإنكار الشفاعة جملة، وإبطال التوبة.
ونرى أن هذه الآراء الاعتزالية التي كانوا يجاهرون بها، إنما هي واجهة فقط للآراء الباطنية التي كانوا يعملون لها في الخفاء، ولقد تنبه أهل السنة -ولله الحمد- لهذه النحل الباطلة فصدر في يوم الجمعة لتسع خلون من ذي الحجة سنة: ٣٤٠ منشور قرئ على الناس بالمسجدين الجامعين بالحضرتين قرطبة والزهراء وفيه ينكر الخليفة الناصر ما يقوم به أصحاب ابن مسرة، ويكل إلى مولاه عبد الله بن بدر أمر تتبعهم والتنقير عنهم، وكذلك صدر منشور آخر في شعبان سنة: ٣٤٦ وقرىء أيضاً على أبواب جامع قرطبة، وفيه عهدٌ مجدّد في البحث عن أتباع ابن مسرة المبتدعين والتحريض على طلبهم إذ فارقوا الجماعة وخالفوا السنة، كما قام علماء الإِسلام بالرد على هذه الآراء الباطلة، منهم عبد الله بن محمد الأموي النحوي (ت: ٤٠٠) من أهل قرطبة وكان حافظاً نبيلًا، جمع كتاباً في الرد على ابن مسرة وصفه ابن بشكوال بالجودة والحسن (١)، وكذلك محمد بن يبقى وأبا بكر الزبيدي وأبا عمر بن لبّ الطلمنكي (٢).
وبالرغم من هذا الحزم الذي اتخذته السلطة الحاكمة آنذاك، وبالرغم من قيام العلماء بواجب النصح لله ورسوله - ﷺ - فقد قدّر الله لهذه المدرسة أن تستمر إلى عصر فقيهنا ابن العربي، ووجد في هذا العصر جماعة من كبار المتصوفة ذوي الاتجاه الفلسفي منهم أحمد بن محمد بن العريف
(٢) بالنثيا: تاريخ الفكر الأندلسي: ٣٣٠.