الكل، واستحسنه إمام الحرمين (١)، وليس ذلك بحسن، فإنه أمر معلوم من طريق العادة، ليس من طريق الوجوب العقلي، إذ من الجائز أن ييسر الله للعقول إدراك كل معقول، كما يتيسر بإذنه في الدار الآخرة (٢)، وقد بينا ذلك في كتب الأصول. وإيجاز شرحه: أن المعلومات على قسمين معدوم وموجود، والموجودات على قسمين: خالق ومخلوق، والأوقات قسمان: دنيا وأخرى، والأعمال قسمان: نافع وضار.
وعلى هذا تُخَرَّجُ جميع علوم القرآن، وهو مما اتفق عليه العقلاء من المتشرعين، وإنما اختلف المختلفون وتشبث الملحدون بتفسير هذه المعاني، فَفَسَّرَها قوم بمعاني فارغة، وآخرون بمعاني باطنة، وطائفة بظاهر، وجملة بتأويل مجازي، ولمة برد كلي، واستيفاء القول في هذه المعاني في كتب "الأصول"، وبيانها كلها على ما هي عليه من حقائق الصفات في كتاب الله تعالى.
وهذه العبارات وإن كانت مستنكرة في الإِسلام فهي محومة على الحقائق، ولكن لا يعدم العاقل بكل ما وراء عالم الطبائع، فأما الاحتواء على الحقيقة فهو حكم سلطنة الكل على الجزء".
(٢) قلت: إن المعوّل في أمور الدار الآخرة إنما يتوقف على النقل، ولم يقدم ابن العربي دليلًا نقلياً على أن الإنسان في الدار الآخرة يحيط بجميع المعلومات، ولذا فإني أتوقف في هذه المسألة حتى يظهر الدليل.