التوصية في هذا الموضع بالتثبت، فإن الدليل القطعي لا يمكنك من الظن ولا يمر بك عليه، فكيف ينهيك إليه؟.
والأمارة الظنية هي التي ينخدع بها الشادي، والذي يضبط هذا الأصل أن ما كان من باب التكليف، فإنه تارةً يعلم قطعاً بدليل القطع وتارةً يفيد ظناً بأمارة الظن، ويجوز أن يسمى دليلًا.
وأما ما خرج عن باب التكليف والعمل فطريقه القطع، والمطلوب فيه العلم، فلا تسلك إليه على منهج الظن، ومن ذلك أخبار الآخرة من كيفية الميزان وأحوال الصراط وترتيبه على الحوض ونحو ذلك.
ومنه ما تقدم من القول في كيفية تأويل أوائل السور فإنه ليس من باب التكليف، وإنما هو من باب العلم فلا سبيل إلى الظن فيه، ولا يوجد دليل القطع عليه فوجب التوقف.
ومن جملة العشرين قولًا ما لا سبيل إلى معرفته بالعقل، وإنما يعلم بالنقل الشرعي ومنها ما يعلم بالنقل اللغوي لو وجد من طريق صحيحة ولكنهما معدومان.
فلو جاء خبر صحيح بأنه اسم من أسماء الله (١) أو من أسماء السور (٢) أو القرآن (٣) لاخترناه واعتقدناه، وكما أنه لو جاءنا من طريق اللغة أن ﴿يس﴾
(٢) ونسب هذا القول إلى زيد بن أسلم، الماوردي: النكت والعيون: ١/ ٦١، الطبري: التفسير: ١/ ٦٧، ابن عطية: المحرر الوجيز: ١/ ٩٥ (ط: المغرب).
(٣) نسب هذا القول إلى قتادة ومجاهد وابن جريج، المصادر السابقة وابن حيان: البحر المحيط: ١/ ٣٤.