وَبَيْنَ عَبْدِي" (١) فلا يلتفت إلى سواهما (٢)، فإن شغل القلب واللسان بما لا يصح إثم في الآخرة وتضييع للزمان.
كما أنه ليس في سورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ حديث صحيح إلاَّ المتقدم (٣)، وقول النبي - ﷺ - في الذي سمعه يقراها "وَجَبَتْ، (٤) يعني الجنة.
أما إن فيها خصيصة ليست في السور، وذلك أن بعضها يفسر بعضاً، لأنك تقول: من هو؟ فيقال لك: الله. ويقال لك من الله؟ فيقال لك: الأحد، فتقول: من الأحد؟ فيقال لك: الصمد.
فتقول: من الصمد؟ فيقال لك: الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد. ثم ترجع إلى أولها، فإنك إذا قلت: ومن الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد؟ فيقال لك: الله.
وهذا أيضاً -بهذا الترتيب- فن من فنون الفصاحة غريب، يعزّ وجوده في القرآن، وَنَظِيرُهُ من السنة في المعنى قول النبي - ﷺ -: "أفْضَل مَا قُلْتُه أنَا وَالنبيونَ مِنْ قَبْلِي، لَا إِلهَ إلاَّ الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَىَ كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ" (٥).

(١) هذا جزء من حديث صحيح رواه مسلم في الصلاة رقم: ٣٩٥، ومالك في الموطأ كتاب الصلاة: ١/ ٨٤، وأبو داود في الصلاة رقم: ٨١٩، ٨٢٠، ٨٢١، والترمذي في التفسير رقم: ٢٩٥٤، ٢٩٥٥، والنسائي في الافتتاح: ٢/ ١٣٥، ١٣٦.
(٢) الظاهر أن ابن العربي قد خالف منهجه هذا في كتابه سراج المريدين: ٥٤/ ب حيث أورد عدة أحاديث في فضل الفاتحة منها الصحيح والحسن والضعيف.
(٣) وهو الذي ذكرته في تعليقي السابق، وينبغي التنبيه على أن الأحاديث التي تفيد أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن كثيرة منها ما رواه البخاري في فضائل القرآن ٩/ ٥٣، ومالك في الموطأ: ١/ ٢٠٨، وأبو داود في الصلاة رقم: ١٤٦١، والنسائي فى الافتتاح: ٢/ ١٧١.
(٤) رواه الترمذي في ثواب القرآن رقم: ٢٨٩٩ وقال عنه: هذا حديث حسن صحيح، ومالك في الموطأ: ١/ ٢٠٨ بزيادة، والحاكم في فضائل الصحابة: ١/ ٥٦٦ من حديث أبي هريرة، وقال عنه: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
(٥) رواه مالك في الموطأ: ١/ ٢١٤، ٢١٥ في القرآن، باب ما جاء في الدعاء، وأول الحديث هو =


الصفحة التالية
Icon