وهي كلمات يسيرة تضمنت التوحيد كله لله سبحانه.
وأخبرنا أبو الفضائل بن طوق المعدل (١) قال: أخبرنا الأستاذ أبو القاسم القشيري قال: سمعت الِإمام أبو بكر بن فورك يقول -وكان من عظماء الصوفية والعلماء-: إن كلمة "هو" مستقلة بنفسها في العبارة عن توحيد الباري سبحانه، تدلّ على أن ابتداء الأشياء منه وانتهاؤها إليه وكلها به، لأن الهاء من حروف الحلق وهو الابتداء في الكلام، والواو من حروف الشفتين وهي الانتهاء في الكلام، وما بينهما حروف الكلام (٢)، وقد قال - ﷺ - لأبي بن كعب (٣): أيُّ آيَةٍ في كِتَاب اللهِ أعْظَم؟ قَالَ لَهُ: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] قالَ لَهُ النَّبِيّ: لِيَهْنَكَ العِلْم يَا أبَا المُنْذِر" (٤).
وإنما صارت أعظم بعظم مقتضاها، فإنّ الشيء إنما يشرف بشرف ذاته ومقتضاه ومتعلقاته، وهي في آي القرآن كقل هو الله أحد في سُوَرِهِ، إِلا أن سورة الِإخلاص تفضلها بوجهين:
(١) هو أبو الفضائل محمد بن أحمد بن عبد الباقي الموصلي، من العلماء العاملين، تفقه على الماوردي وأبي إسحاق الشيرازي والقشيري، توفي سنة: ٤٩٤ انظر: ابن الأثير: الكامل: ٨/ ٢٢٥، ابن كثير: البداية والنهاية: ١٢/ ١٦١.
(٢) أورد المؤلف هذا القول في الأمد: ١٤/أونسبه إلى ابن فورك، وعقب عليه بقوله: "وهذه أغراض صوفية محومة على الحقائق، وإن كان لم يقع بها أنس لكم، وابن فورك شيخ من شيوخهم، وإمام مقدم فيهم".
(٣) هو أبيّ بن كعب بن قيس الأنصاري الخزرجي أبو المنذر، سيد القرّاء وكاتب الوحي، شهد بدراً، توفي رضي الله عنه حوالي سنة ٢٢ انظر: ابن عبد البر: الاستيعاب: ١/ ٤٧، ابن حجر: الإصابة: ١/ ١٩.
(٤) رواه مسلم في صلاة المسافرين رقم: ٨١٠، وأبو داود في الصلاة رقم ١٤٦٠.