أحدهما: أنها سورة وهذه آية، والسورة أعظم؛ لأنه وقع التحدي بها، والسورة إذا وقع بها التحدي أفضل من الآية التي لم يقع بها التحدي.
الثاني: أن سورة الِإخلاص اقتضت التوحيد في خمس عشرة كلمة، وآية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين حرفاً.
فظهرت القدرة في الِإعجاز، بوضع معنى يعبر عنه مكتوب مدده السبعة الأبحر ولا ينفذ، عدد حروفه خمسون كلمة، ثم يعبر عن معنى الخمسين كلمة خمس عشرة كلمة، وذلك كله بيان لعظيم القدرة والانفراد بالوحدانية (١).
تنقيح:
قال أبو حامد: "إن أم القرآن إنما صارت فاتحة الكتاب لأنها مفتاح الجنة، والجنة ثمانية أبواب، وفاتحة الكتاب ثمانية معان: ذات، صفات، وأفعال، الصراط المستقيم بجميع طرقه، التزكية، التعلية، ذكر نعمة الأولياء، وغضب الأعداء، ولم يخرج عنها إلاَّ محاجّة الكفار وهو علم الكلام وأحكام الفقه.. " (٢) إلى آخر قوله.

(١) قارن بالزركشي في البرهان: ١/ ٤٤٢، والسيوطي في الإتقان: ٤/ ١٤٢ وطاش كبرى زادة في مفتاح السعادة: ٢/ ٥٦٠.
(٢) عبارة الغزالي كما جاءت في كتابه جواهر القرآن: ٤٣ هي كالتالي: "إن هذه السورة فاتحة الكتاب ومفتاح الجنة، وإنما كانت مفتاحاً لأن أبواب الجنة ثمانية، ومعاني الفاتحة ترجع إلى ثمانية، فاعلم قطعاً أن كل قسم منها مفتاح باب من أبواب الجنة تشهد به الأخبار... ". وقال في موضع آخر: ٤٣.
"وقد اشتملت الفاتحة على ثمانية أقسام: الذات والصفات والأفعال وذكر المعاد والصراط المستقيم بجميع طرفيه، أعني التزكية والتعلية، وذكر نعمة الأولياء، وغضب الأعداء، وذكر المعاد، ولم يخرج منه إلا قسمان، محاجة الكفار، وأحكام الفقهاء، وهما الفَنان اللذان يتشعب منهما علم الكلام وعلم الفقه".
قلت: ونسب ابن العربي هذا القول في كتابه السراج: ١٩٥/ ب إلى الصوفية وانتقده بعنف قائلاً: =


الصفحة التالية
Icon