قال الإِمام الحافظ أبو بكر بن العربي رضي الله عنه:
قد بينا -وهو الصحيح- أن فاتحة الكتاب أم القرآن، وحققنا أن علوم القرآن فيها، وساعدنا على ذلك جماعة من العلماء وهو منهم، فكيف يرجع فيحذف منها ما ذكر أنه فيها، بل لو قلنا أن القرآن كله مفتاح الجنة لكان أصوب، فكيف وقد بين صاحب الشريعة خاصية الأبواب وأسماءها فقال: "مَنْ كَانَ مِنْ أهْل الصلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصلاة... الحديث" (١) فبين - ﷺ - جنس الأبواب وأنها أبواب عمل تطلب في فروع الشريعة وأنواع الأفعال.
وقد كملها قوم فقالوا: إنها ثمانية أبواب:

باب الِإيمان.


باب الصلاة.


باب الصدقة.


باب الصيام.


= ".. وهذا كله تعد على القرآن وعلى الشريعة وعلى العلم، وطريق الحق فيه أنه ثبت في الكتاب العزيز أن لجهنم سبعة أبواب، وثبت عن النبي - ﷺ - أن للجنة ثمانية أبواب، ولم يصل إلينا العلم بوجه التقدير ولا نقله محقق... " إن الحرز والظن والقياس لم يجز (في الأصل: يجوز) لنا إلا في باب الأحكام التي المطلوب منها العمل، فأما ما خرج من الأحكام فليس للقياس فيه مدخل، حتى قال علماؤنا من الأصوليين ولا لخبر الواحد، ولست أقول به، بل أقضي بالخبر الواحد الصحيح في الشريعة كلها أحكامها وكل ما أخبرنا عنه من أمر الدنيا والآخرة، والسموات والأرض".
قلت للتوسع في معرفة رأي المؤلف رحمه الله في موضوع الخبر الواحد راجع المحصول: ٤٨/ أ-٥١/ أ.
(١) رواه البخاري في الصوم: ٤/ ٩٦، ومسلم في الزكاة رقم: ١٠٢٧، ومالك في الموطأ، كتاب الجهاد: ٢/ ٤٦٩، والترمذي في المناقب رقم: ٣٦٧٥، والنسائي في الجهاد: ٦/ ٤٨، وتمام الحديث كما هو عند مسلم هو أن رسول الله قال: "مَنْ أنفَقَ زَوْجَيْنِ في سبيل الله نودِيَ في الجَنةِ: يَا عَبْدَ الله، هَذَا خَيْر، فَمَنْ كَانَ مِنْ أهْل الصلاة دُعِيَ مِنْ بَابِ الصلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الجهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الصدقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصدقَةِ، وَمَنْ كَان مِنْ أهلِ الصيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الريانِ... الحديث".


الصفحة التالية
Icon