فالجواب أنا نقول:
الأصل ألَاَّ نضرب للباري مثالاً؛ لأنه لا مثل له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وقد قال: ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٧٤].
وَتَمَّمَ المعنى في آية أخرى فقال: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٣].
ومن أخذ معرفة الحق من الخلق بالمعنى المطلق فقد ألحد وأخفق.
والقانون في ذلك يدور على ثلاثة أقطاب:
القطب الأول:
إن كل معنىً دار بين المخلوقين، فدونكم وإياه، واضربوا له الأمثال، وكَثَّرُوا فيه بالمثال، ونوِّعُوا فيه بالأقوال، واسترسلوا على نظام المعنى في المقال، وأما المعنى المتعلق بالباري سبحانه، فلا تضربوا لله الأمثال ابتداء، إلاَّ ما ضرب لنفسه، وغايتكم فهم المقصود.
ومن هنا زاغت طائفة كثيرة من الصوفية، فاسترسلت في ضرب الأمثال واستعارت الألفاظ، ونقلتها من المخلوق إلى الخالق، وذلك ابتداع.
القطب الثاني:
الاستدلال على ذاته وصفاته من مخلوقاته بوجوه الأدلة التي رتبها العلماء وحصروها في أربعة أشياء:


الصفحة التالية
Icon