وقد روي عن ابن عباس ومجاهد (١) أنهما قالا: لم تكن عند النبي- ﷺ - امرأة موهوبة (٢).
وروى مالك والأئمة أن امرأة جاءت النبي - ﷺ - فقالت: يَا رَسُولَ الله! إني قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ. فَقَامَتْ قِيَاماً طَوِيلاً، فَقَامَ رَجُل، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله زَوَّجْنِيهَا، إنْ لَمْ تَكُنْ لكَ بِهَا حَاجَةٌ.
فَقَالَ رَسُولُ الله: هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تُصْدِقُهَا إياهُ؟.
فَقَالَ: مَا عِنْدِي إلاَّ إزَارِي هَذَا!.
فَقَالَ رُسُولُ الله: إنْ أعطَيْتَهَا إياهُ بَقيتَ لَا إزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئاً.
قَالَ: مَا أجِدُ شَيْئاً!.
قَالَ: فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ.
فَلَمْ يَجِدْ شَيْئاً. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله: هَلْ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟.
قَالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، سَماهُمَا.
فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلمَ: قَدْ أنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ (٣).

(١) هو الإِمام الحافظ، شيخ القراء والمفسرين، أبو الحجاج بن جبر المكِّي، روى عن أبي هريرة وعائشة وغيرهما، توفي سنة: ١٠٤، وقيل غير ذلك. انظر: ابن سعد: الطبقات: ٥/ ٤٦٦، الفسوي: المعرفة والتاريخ: ١/ ٧١١، أبو نعيم: حلية الأولياء: ٣/ ٢٧٩، الذهبي: سير أعلام النبلاء: ٤/ ٤٤٩.
(٢) رواية ابن عباس أخرجها ابن جرير الطبري في تفسيره: ٢٢/ ٢٣، والبيهقي في السنن: ٧/ ٥٥، انظر السيوطي: الدر المنثور: ٦/ ٦٣٠ (ط: دار الفكر: ١٩٨٣).
أما رواية مجاهد، فقد أثر عنه أنه فسر الآية الكريمة: ﴿إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ بقوله: فعلت ولم يفعل. انظر: الطبري التفسير: ٢٢/ ٢٣ السيوطي: الدر المنثور: ٦/ ٦٣١ (ط: دار الفكر: ١٩٨٣).
(٣) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب النكاح: ٢/ ٥٢٦، والبخاري في النكاح: ٦/ ١٣٤، وفي =


الصفحة التالية
Icon