المراد معها، ومنه آيات متشابهات لا يفهم معناها لاشتباهها بما يصح أن يكون موافقاً للمحكم، وربما لا يوافقه، أو لانغلاق باب المعرفة، فهذا أصل المحكم والمتشابه، فابن عليه، وله أمثلة كثيرة منها:
قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥].
وقد ذكرنا فيها في "شرح المشكلين" خمسة عشر قولًا (١).
واختلف العلماء فيها على ثلاثة أقوال:
فمنهم من قال تمر كما جاءت ولا يتكلم فيها (٢).
الثاني ومنهم من قال يتكلم فيها مع من يتحقق حسن عقيدته ويقين استرشاده، ألَا ترى إلى قول إمام الأئمة مالك: "الاسْتِوَاء مَعْلُومٌ وَالكَيْفِية مَجْهُولَة، وَالسؤَالُ عَنْهُ بِدْعَة" (٣).

(١) انظر هذه الأقوال في قأنون الأسكريال: ٣٧/ أب-٣٨/ أ، فقد توسع في إيراد الحجج والبراهين التي تثبت مذهب الأشعرية، وانظر: السراج: ١٦٦/أ، المحصول في علم الأصول: ٣٥/ أ (وقد تأثر فيه بشيخه الغزالي في المنخول من علم الأصول: ٢٨٦ - ٢٨٧)، المتوسط: ٢٠.
(٢) منهم سفيان بن عيينة، روى الدارقطني بإسناد صحيح عن سفيان أنه قال: "هِيَ كَمَا جَاءَتْ، نُقِرُّ بِهَا، وَنُحَدِّث بِهَا" كتاب الصفات: - ٧١ رقم: ٦٣، وأورد هذا القول الذهبي في العلو: ١٦٥، وينبغي أن ندرك أن مثل هذه العبارات الصادرة عن بعض علماء السلف لا تتنافى مع ما قرروه من الإثبات، لأن مرادهم بمثل هذه الأقوال إنما هو ترك الكلام في معنى كيفيتها، لأن معرفة الكيفية لا سبيل إليه.
(٣) رَوَى هذا القول جمع غفير من أئمة الحديث وحفاظه منهم: الدّارمي في الرد على الجهمية: ٢٨٠ (ضمن عقائد السلف)، والبيهقي في الأسماء والصفات: ٢٩١ بسند جيد (كمال قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ١٣/ ٤٠٧)، وأبو نعيم في حلية الأولياء في ترجمة الإِمام مالك: ٦٠/ ٣٢٦، والصابوني في عقيدة أهل الحديث: ١/ ١١٠ (ضمن الرسائل المنيرية).
قال الإِمام الذهبي في العلو: ١٠٣ - ١٠٤ "إن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وإن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وإنه كما يليق به، لا نتعمق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف كما وقف السلف"


الصفحة التالية
Icon