الثالث: ومنهم من أطلق القول كسُفْيان بن عُيَيْنة (١) قال: وقد سئل عن قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] فقال: هي وقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَا﴾ نٌ [فصلت: ١١] سواء (٢).
وأشبه قول فيه ثلاثة: قول سفيان هذا، وقول من قال إنه بمعنى استولى (٣)،
= قلت: وعليه فإن قول الإمام مالك هذا إنمَا نَفَى فيه علم الكيفية، ولم ينف حقيقة الصفة. يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية: "ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم، وأيضاً فإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى، وإنما يحتاج إلى علم الكيفية إذا أثبت الصفات، وأيضاً فإن من ينفى الصفات الخبرية أو الصفات مطلقاً لا يحتاج أن يقول بلا كيف، فمن قال: "إن الله ليس على العرش" لا يحتاج أن يقول بلا كيف، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر، لما قالوا بلا كيف، وأيضاً فقولهم: "أمروها كما جاءت" يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظاً دالة على معاني، فلو كانت دلالتها منفية لكان الواجب أن يقال أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت، ولا يقال حينئذ بلا كيف، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغو من القول" مجموع الفتاوى: ٥/ ٤١ - ٤٢.
(١) هو سُفيان بن عُيَيْنَة بن أبي عمران، أبو محمد الهِلاَلي الكوفي ثم المكي الإِمام الكبير، حافظ العصر، روى عن ابن شهاب الزهري وغيره، قال الإِمام الشافعي: لولا مالك وسفيان بن عيينة لذهب علم الحجاز، توفي رضي الله عنه عام ٢٨٢. ابن سعد: الطبقات ٥/ ٤٩٧، البخاري: التاريخ الكبير: ٤/ ٩٤، الفسوي: المعرفة والتاريخ: ١/ ١٨٥ - ١٨٧، ابن حجر: تهذيب التهذيب: ٤/ ١١٧.
(٢) لم أعثر على هذا القول في المصادر التي استطعت الوقوف عليها.
(٣) قلت: وإلى هذا القول ذهب عامة المعتزلة، انظر القاضي عبد الجبار في متشابه القرآن: ١/ ٧٣، ٣٥١، وفي تنزيه القرآن: ١٧٦، ٥٣، وفي شرح الأصول الخمسة: ٢٢٦، وإلى نفس هذا القول ذهب أغلب الأشاعرة، منهم الغزالي في الاقتصاد: ١٠٤، والآمدي في غاية المرام ١٤١، ورفضه البيهقي (وهو أشعري المذهب) في الأسماء والصفات: ٤١٢، وقد أبطل شيخ الإسلام ابن تيمية تأويل الاستيواء بالاستيلاء من اثني عشر وجهاً. وبين أن حجج المتأولين في ذلك متهافتة لا تنهض أن يعارض بها عقل صريح، فضلاً على أن تعارض المنقول الصحيح. مجموع الفتاوى: ٥/ ١٣٦ - ١٥٣.
وقال الإِمام الخطابي في كتابه "شعار الدين": (فيما نقله عنه ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية: =
(١) هو سُفيان بن عُيَيْنَة بن أبي عمران، أبو محمد الهِلاَلي الكوفي ثم المكي الإِمام الكبير، حافظ العصر، روى عن ابن شهاب الزهري وغيره، قال الإِمام الشافعي: لولا مالك وسفيان بن عيينة لذهب علم الحجاز، توفي رضي الله عنه عام ٢٨٢. ابن سعد: الطبقات ٥/ ٤٩٧، البخاري: التاريخ الكبير: ٤/ ٩٤، الفسوي: المعرفة والتاريخ: ١/ ١٨٥ - ١٨٧، ابن حجر: تهذيب التهذيب: ٤/ ١١٧.
(٢) لم أعثر على هذا القول في المصادر التي استطعت الوقوف عليها.
(٣) قلت: وإلى هذا القول ذهب عامة المعتزلة، انظر القاضي عبد الجبار في متشابه القرآن: ١/ ٧٣، ٣٥١، وفي تنزيه القرآن: ١٧٦، ٥٣، وفي شرح الأصول الخمسة: ٢٢٦، وإلى نفس هذا القول ذهب أغلب الأشاعرة، منهم الغزالي في الاقتصاد: ١٠٤، والآمدي في غاية المرام ١٤١، ورفضه البيهقي (وهو أشعري المذهب) في الأسماء والصفات: ٤١٢، وقد أبطل شيخ الإسلام ابن تيمية تأويل الاستيواء بالاستيلاء من اثني عشر وجهاً. وبين أن حجج المتأولين في ذلك متهافتة لا تنهض أن يعارض بها عقل صريح، فضلاً على أن تعارض المنقول الصحيح. مجموع الفتاوى: ٥/ ١٣٦ - ١٥٣.
وقال الإِمام الخطابي في كتابه "شعار الدين": (فيما نقله عنه ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية: =