وقول من قال: فعل في العرش فعلًا سماه استواء (١).
وقد قال لنا محمد بن طاهر المقدسي (٢)، قال أبو المظفر شاهفور الإسفراييني (٣) معناه: منع أن يكون فوق العرش شيء، وهو أحد معنى قولنا: استوى فلان على المرتبة (٤)، وهو بديع عظيم، قد قررناه عنه بلفظه في "شرح المشكلين" واختصرناه ها هنا لطوله، وما ذكرناه دلالة على جميعه (٥)، وإذا

= ٢/ ٤٣٨): "... ولو كان معنى الاستيواء ها هنا الاستيلاء لكان الكلام عدم الفائدة، لأن الله قد أحاط ملكه وقدرته بكل الأشياء، وبكل قطر وبقعة من السموات والأرض وتحت الثرى، فما معنى تخصيصه العرش بالذكر، ثم إن الاستيلاء إنما يتحقق معناه عند المنع عن الشيء، فإذا وقع الظفر قيل استولى عليه، فأي منع كان هناك حتى يوصف بالاستيلاء بعده"، وانظر مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم: ٢/ ١٢٧.
(١) هذا القول هو لأبي الحسن الأشعري، وقد حكاه عنه البغدادي في أصول الدين: ١١٣ وذكره القرطبي في الأسنى: ٢٢٦/ أ.
(٢) هو محمد بن طاهر المقدسي، أبو سعيد الزنجاني، لم أعثر له على ترجمة، وقد سبق ذكره في الصفحة: ٤٣٩، كما ذكر ابن خير في الفهرست: ٢٥٨ - ٢٥٩ أن ابن العربي سمع عليه كتاب "الإرشاد" والشامل للجويني.
(٣) هو طاهر بن محمد الإسفراييني، من كبار أئمة الكلام على طريقة الأشعري، شافعي المذهب، له كتاب مشهور هو "التبصير في الدين" (مطبوع بتحقيق الكوثري) توفي رحمه الله عام: ٤٧١.
السبكي: طبقات الشافعية: ٣/ ١٧٥ (ط: الحسينية).
(٤) هذا القول هو لأبي الحسن الأشعري، نَسَبَهُ إليه القرطبي في "الأمد الأسنى": ٢٢٦/ أ (مخطوط عارف حكمت).
(٥) قلت: كان الأولى لابن العربي وهو الإِمام القدوة أن يقتدي بسلفه الصالح من أئمة الفقه المالكي العظماء، فقد أجمع المحققون منهم على نهج طريق السلف في الاعتقاد والسلوك، يقول الإِمام أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي الأندلسي (ت: ٤٢٩) في كتابه "الوصول إلى معرفة الأصول".
[قال أهل السنة في قول الله ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ أن الاستواء من الله على عرش المجيد على الحقيقة لا على المجاز].
قلت: ذكر هذا النص ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل: ٦/ ٢٥٠ - ٢٥١، وفي بيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٣٨ وفي القاعدة المراكشية: ٧٣، كما ذكره ابن قيم الجوزية في اجتماع الجيوش الإِسلامية: ٤٨


الصفحة التالية
Icon