وثمانين وأربعمئة (٤٨٩) (١) وقد مر في طريقه إلى الحجاز على الرَّبَذَة التي وصف ما شاهده فيها فقال: "... وقفت على قبر أبي ذر الغفاري بِالرَّبَذَة مستهل شهر ذي الحجة سنة ٤٨٩، وهو على قارعة الطريق من الكوفة إلى مكة، غريباً مفرداً، لا أنيس ولا عمارة، خرج هنالك أيام عثمان رضي الله عنه على وجه سليم صحيح بيناه في كتاب "العواصم" (٢) لم يقدح في أحد، ولا قصر ببشر، ولا انتسب إليه فيه ظلم، فأقام بها حتى مات رضي الله عنه... " (٣).
وحول وصوله إلى ميقات الِإحرام يقول: "... لما كانت سنة: ٤٨٩ أهلّ علينا هلال ذي الحجة ليلة يوم الخميس بالرَّبَذَة، فرحلنا عنه، وقد فرح الناس بوقفة الجمعة ليجتمع لهم فضل اليومين، فضل يوم عرفة، وفضل يوم الجمعة، فبتنا بمكان يقال له المسجد، ثم رحلنا سَحَراً، فلما صلينا الصبح، وأشرقت الشمس إذا بقافلة البلقاء، ترى فيها النفر المحرمين بالثياب البيض بين الناس، فقلت: ما هذا؟ قال لي بعضهم: هم الشيعة، لا يحرمون من ميقات عمر (ذات عرق)، قلت فمن أين لهم هذا؟ قال: هم يزعمون أن علياً خرج من الكوفة، فأحرم من هذا الماء... " (٤).
وصوله مكة:
ويذكر ابن العربي رحمة الله عليه أعماله في الحج، ويحاول أن يكون أداؤه لها دقيقاً كما أدّاها الرسول - ﷺ - يوم الحج الأكبر، ويلاحظ أن الناس يهملون بعض مناسك الحج، ويُفَوِّتُونَ على أنفسهم خيراً كثيراً، فهم يتركون المبيت بمنى يوم التروية، ويؤثرون أن يبيتوا ليلة عرفة بعرفة (٥)، يقول فقيهنا
(٢) من: (٣٨٤ - إلى - ٣٨٦).
(٣) سراج المريدين للمؤلف: ١١٥/ أ، وانظر نفس الوصف بالعارضة: ١٠/ ٤٨.
(٤) العارضة: ٤/ ٤٩ - ٥٠.
(٥) سعيد أعراب: "القاضي أبو بكر بن العربي" مقال بمجلة "دعوة الحق" المغربية، السنة: ١٤، العدد: ٥، صفحة: ١٦٥.