العمل، ونسأل الله الحفظ والتوفيق (١)،... ودعوت بالملتزم ثلاث دعوات، فرأيت الاثنتين وبقيت واحدة، والله يمنُّ بها عليَّ فهي العمدة، فكانت الأولى أن يجعلني من العلماء حتى لا يتكلَّمَ أحد بشيء من العلم -إن كان حقاً- إلاّ علمته، وإن كان باطلاً إلاَّ قدرت عليه، إثباتاً للأول، ونفياً للثاني، وآتاني الله ذلك، وآتاني الثانية، وبقيت الثالثة، فيا ليتني كنت شَرِبْتُ ماءَ زَمْزَمَ للعمل، ودعوت الله فيه في الملتزم" (٢).
وحول مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام قال: ".. وقد اختلفوا فيه، فقال قوم: هو الحجر الذي جعل إبراهيم عليه رجله حين غسلت زوج إسماعيل عليهما السلام رأسه، وقد رأيت بمكة صندوقاً فيه حجر عليه أثر قدم قد انمحى واخلولق، فقالوا كلهم هذا أثر قدم إبراهيم عليه السلام، وهو موضوع بإزاء الكعبة (٣)، لمسته بيدي وخدي تبركاً به (٤) في ذي الحجة من سنة ٤٨٩ والحمد لله رب العالمين" (٥).
وحول الكعبة المشرفة يقول: "... وقد كنت ألصق خدَّيَّ بجداراتها (٦) مع فضتها، وكأنه خد جارية زهراء، وأما استلام الحجر فوالذي خلق الماء والحجر إنه لألذُّ في القلب من رشف رُضَابِ الكَوَاعِبِ (٧) للعازب، ولا يمكنكم أن تدركوا حقيقة ذلك بالصفة، حتى تباشروه، كما لا يمكن تعري العنِّينِ لذَّةَ الجماعِ بالوصف والتمثيل حتى يباشرَهُ... " (٨).

(١) الأحكام للمؤلف: ١١٢٤.
(٢) سراج المريدين: ٧٤/ ب، التجيبي: مستفاد الرحلة والاغتراب: ٣١٥.
(٣) الأحكام: ٣٩.
(٤) قلت: التبرك بآثار الأنبياء بخاصة، اختلف فيه أهل العلم، فأجازه بعضهم ومنعه البعض الآخر، والذي أراده عدم جوازه وأثر قدم سيدنا إبراهيم لم تثبت بطريق صحيح والله أعلم.
(٥) العارضة: ١١/ ٨٠ - ٨١.
(٦) قلت: التمسح بغير الركنين اليمانيين لم يرد عن رسول الله - ﷺ -، وإنما فعله سيدنا معاوية بن أبي سفيان فأنكر عليه ابن عباس فرجع رضي الله عنهم أجمعين.
(٧) الرُّضَابُ هو الريق. والكَاعِبُ هي الجارية حين يبدو ثديها.
(٨) السراج: ١٠١/ أ.


الصفحة التالية
Icon