وقرأ الكسائي: "أن الدين" بفتح الهمزة (١) على البدل من "أنه"، التقدير: شهد الله أن الدين عنده الإسلام. والمعنى: أن الدين المرضي عند الله الإسلام لا اليهودية، ولا النصرانية.
قوله عز وجل (٢) :﴿وما اختلف الذين أوتوا الكتاب﴾ وهم اليهود والنصارى، والذي اختلفوا فيه: دين الإسلام، ونبوة محمد - ﷺ -، ﴿إلا من بعد ما جاءهم العلم﴾ وهو البيان الواضح على صحة نبوته بما عرفوه من صفته.
وقيل: الذي اختلف اليهود فيه: التوراة، والنصارى: عيسى. ﴿من بعد ما جاءهم العلم﴾ بما في التوراة من نعت عيسى بأنه عبد الله ورسوله.
﴿بغياً﴾ مفعول له، أي: اختلفوا لأجل البغي، لا لقصد الحق (٣). وقد فسَّرنا في البقرة (٤) معنى: ﴿سريع الحساب﴾.
قوله: ﴿فإن حاجُّوك﴾ أي: إن خاصمك اليهود والنصارى بعد ظهور معجزاتك، ووضوح بيِّناتك، فقد عاندوا، ﴿فقل﴾ معرضاً عن مخاصمتهم: ﴿أسلمت وجهي﴾ أي: نفسي وجملتي، أو أخلصت عملي ﴿لله﴾، أو قصدت بعبادتي إليه، ﴿ومن اتبعني﴾ عطف على الضمير في "أسلمت"، أو يكون التقدير: مع مَن اتبعني، فيكون مفعولاً معه (٥).

(١) الحجة للفارسي (٢/١٠)، والحجة لابن زنجلة (١٥٧-١٥٨)، والكشف (١/٣٣٨)، والنشر (٢/٢٣٨)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ١٧٢)، والسبعة في القراءات (ص: ٢٠٢).
(٢) كتب مقابلها في الهامش: بلغ محمد بن أحمد قراءة بمسجد الرقي مجلساً ثانياً، مرة ثانية.
(٣) انظر: التبيان (١/١٢٩)، والدر المصون (٢/٤٩).
(٤) عند تفسير الآية: ٢٠٢.
(٥) انظر: التبيان (١/١٢٩)، والدر المصون (٢/٥٠).


الصفحة التالية
Icon