﴿وقل للذين أوتوا الكتاب﴾ : وهم اليهود، والنصارى. ﴿والأُميِّين﴾ : وهم مشركو العرب، ﴿أأسلمتم﴾ ؟ قال الزجاج (١) : استفهام بمعنى الأمر، تقديره: أسلموا، ومثله: ﴿فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١].
أو يكون التقدير: أأسلمتم أم أنتم على كفركم.
﴿فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن توَّلوا فإنما عليك البلاغ﴾ أي: ليس عليك إلا أن تُبَلِّغ الرسالة، فيكون منسوخاً بآية السيف (٢)، وهذا مذهب جمهور المفسِّرين (٣). وذهب بعضهم إلى أنه محكم (٤)، وأن المراد منه تسكين نفس النبي - ﷺ -، حين امتنعوا من الإسلام، وكان حريصاً على إيمانهم.
ويحتمل عندي أن يقال في تقرير إحكامها، وأنها غير منسوخة: ليس إليك يا محمد، ولا عليك إلا البلاغ، وأما الهداية، واستقرار الإيمان في القلوب، فهذا لا يدخل في وسعك.
إن الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ

(١) معاني الزجاج (١/٣٩٠).
(٢) وهي قوله تعالى: ﴿فإذا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُواْ المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ [التوبة: ٥].
(٣)... الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص: ٦٠)، والناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص: ٣٠)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص: ٢٣٧).
(٤)... زاد المسير (١/ ٣٦٥).


الصفحة التالية
Icon