"وجيهاً" حال من "كلمة".
فإن قيل: "كلمة" نكرة، فكيف يصحّ الحال منها؟
قلت: تَخَصَّصَتْ بالوصف، فقربت من التعريف، ومثل ذلك: ﴿ومن المقربين﴾ (١).
﴿ويكلمُ الناس في المهد وكهلاً ومن الصالحين﴾ أي: يبشركِ به موصوفاً بهذه الأوصاف.
قوله: ﴿في المهد وكهلاً﴾ حالان من الضمير في "يُكَلِّمُ" (٢).
قال ابن عباس: تَكَلَّمَ ساعة في مهده، ثم لم يتكلّم حتى بلغ مبلغ النطق (٣).
أخرجا في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي - ﷺ - قال: "لم يَتَكَلَّمْ في المَهْدِ إِلا ثَلاثَةٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ... ثم ساق الحديث إلى آخره" (٤).
وأخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله - ﷺ -: "لما كَانَتْ اللَّيْلَةُ التي أُسْرِيَ بي فِيهَا، أَتَتْ عَلَيَّ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَة؟ فَقَالَ: هَذِهِ رَائِحَةُ مَاشِطَةِ ابْنَةِ فِرْعَوْنَ وَأَولادِها، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهَا؟ قَالَ: بَيْنَا هِيَ تُمَشِّطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ ذاتَ يَوْمٍ إِذ سَقَطَ المُدَرِيُّ مِنْ يدها فَقَالَتْ: بسم الله، فَقَالَتْ لَهَا ابْنَةُ فِرْعَوْن: أَبي؟ قَالَت: لا، وَلَكِن رَبي وَرَبُّ أَبيكِ الله، قَالَت: أُخْبره بذا؟ فقَالَت: نَعَم، فَأَخْبَرَتْهُ، فَدَعَاهَا فَقَالَ: يَا فُلانة، وَإِنَّ لَكِ رَبّاً
(٢)... انظر: التبيان (١/١٣٤)، والدر المصون (٢/٩٧).
(٣)... ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (١/٣٩٠)، والسيوطي في الدر المنثور (٥/٥١٠).
(٤)... أخرجه البخاري (٣/١٢٦٨ ح٣٢٥٣)، ومسلم (٤/١٩٧٦-١٩٧٧ ح٢٥٥٠).