عيسى في المكتب يقول للغلام: إن أهلك قد هيئوا لك كذا وكذا (١).
وقيل: ما تأكلون من المائدة، وما تدخرون منها (٢).
والأصل في "تَدَّخِرُون": تَذْتَخِرُونَ، تَفْتَعِلُونَ مِن الذُّخْر، ولكن الدال حرف مجهور، والتاء مهموسة، فأبدل من مخرج التاء حرف يشبه الذال في جهرها وهو الدال، فصارت: تذدخرون، ثم أدغمت الذال في الدال.
قوله: ﴿ومصدِّقاً﴾ أي: وجئتكم مصدِّقاً.
فإن قيل: هل يجوز أن يكون عطفاً على "وجيهاً" و"رسولاً"؟
قلت: يمنعه من ذلك قوله: ﴿لما بين يديَّ﴾، ولم يقل: لما بين يديه (٣).
﴿ولأُحلَّ لكم بعض الذي حُرِّم عليكم﴾ قال أبو عبيدة (٤) : معناه: كل الذي حُرِّم عليكم.
وأنكر ذلك عليه أبو إسحاق (٥)، لأن "بعضاً" لا يكون بمعنى "كل"، ولا أَحَلَّ لهم كُلَّ الذي حُرِّم عليهم (٦).

(١) أخرجه سعيد بن منصور (٣/١٠٤٣)، والطبري (٣/٢٧٩)، وابن أبي حاتم (٢/٦٥٦). وذكره السيوطي في الدر (٢/٢٢١) وعزاه لسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري (٣/٢٨٠)، وابن أبي حاتم (٢/٢٥٦). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/٢٢١) وعزاه لعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمار بن ياسر.
(٣) انظر: التبيان (١/١٣٦)، والدر المصون (٢/١٠٨-١٠٩).
(٤) مجاز القرآن (١/٩٤).
(٥) هو الزجاج.
(٦) انظر: معاني الزجاج (١/٤١٥). قال النحاس في معاني القرآن (١/٤٠٣) : وهذا القول -يعني قول أبي عبيدة- غلط عند أهل النظر من أهل اللغة، لأن البعض والجزء لا يكونان بمعنى الكل.


الصفحة التالية
Icon