فَصُلِب (١).
قال رجل للجنيد (٢) : كيف رضي المكرَ لنفسه، وقد عاب به غيره؟ فقال: ما أدري ما تقول، ولكن أنشدتني فلانة [الطبرانية] (٣) :
فَدَيْتُكَ قَدْ جُبلْتُ عَلَى هَوَاكَا... فَنَفْسِي لا تُنَازِعُنِي سِواكَا
أُحِبُّكَ لا ببَعْضِي بَلْ بكُلِّي... وَإِنْ لَمْ يُبْقِ حُبُّكَ بي حِراكَا
وَيَقْبحُ مِنْ سِواكَ الفِعْلُ عِنْدِي... وَتَفْعَلُهُ فَيَحْسُنُ مِنْكَ ذاكَا (٤)
فقال الرجل: أسألك عن آية من كتاب الله، وتجيبني عن شعر فلانة الطبرانية، فقال: ويحك! قد أجبتك إن كنتَ تعقل، إن تخليته إياهم مع المكر به، مكر منه بهم (٥).
﴿والله خير الماكرين﴾ أقواهم مكراً وأنفذهم كيداً.
إذ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ
(٢)... الجنيد بن محمد بن الجنيد الخزاز، أبو القاسم القواريري، الزاهد المشهور، شيخ الصوفية، وأحد العارفين، شيخ وقته وفريد عصره في علم الأحوال والكلام، وله أخبار مشهورة وكرامات مأثورة. توفي ببغداد سنة ثمان وتسعين ومائتين (حلية الأولياء ١٠/٢٥٥، وتاريخ بغداد ٧/٢٤١، ووفيات الأعيان ١/٣٧٣).
(٣)... في الأصل: الطنبرانية. والمثبت من تفسير الثعلبي. وكذا وردت في الموضع التالي.
(٤) الأبيات لأبي نُواس، انظر ديوانه: (ص: ٤٧٣).
(٥) ذكره الثعلبي (٣/٧٩).