قوله: ﴿إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً﴾.
أخرجا في الصحيحين: أن الأشعث بن قيس قال: "كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِن اليَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى النَّبي - ﷺ -، فَقَالَ لي رَسُولُ الله - ﷺ -: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قُلْتُ: لا، فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: احْلِفْ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِذاً يَحْلِفُ فَيَذهَبُ بمَالي، فَأَنْزَلَ الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ... الآيَةِ﴾ " (١).
وفي صحيح مسلم من حديث أَبي أُمَامَة قال: كنا عند رسول الله - ﷺ - فقَالَ: "مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الجَنَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يا رسول الله؛ وَإِنْ كَانَ شَيْئاً يَسِيراً. قَال: وَإِنْ كان قَضِيباً مِنْ أَرَاكٍ" (٢).
هذا هو المشهور في التفسير.
وقال عكرمة ومقاتل (٣) : نزلت في الذين كتموا صفة النبي - ﷺ - من اليهود، لِمَا كانوا يأخذونه من سفلتهم من الدنيا (٤).
فالعهد -على القول الأول-: ما أخذه عليهم من لزوم الطاعة.
وعلى القول الثاني: ما أخذه عليهم من بيان صفة النبي محمد عليه السلام.
﴿أولئك لا خلاق لهم في الآخرة﴾ أي لا نصيب لهم في الجنة ونعيمها، ﴿ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم﴾ لهوانهم عليه، أو هو كناية عن غضب الله عليهم، وإعراضه عنهم.

(١)... أخرجه البخاري (٢/٩٤٨ ح٢٥٢٣)، ومسلم (١/١٢٢-١٢٣ ح١٣٨).
(٢) أخرجه مسلم (١/١٢٢ ح١٣٧).
(٣) تفسير مقاتل (١/٧٩).
(٤) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (١/٤١١).


الصفحة التالية
Icon