"وتؤمنون" للحال، وانتصابها من "لا يحبونكم"، أي: [لا] (١) يحبونكم، والحال أنكم تؤمنون بكتابهم كله، وهم مع ذلك يبغضونكم، فما بالكم تحبونهم، وهم لا يؤمنون بشيء من كتابكم. وفيه توبيخ شديد، بأنهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم، ونحوه: ﴿فَإِنَّهُمْ يَأْلمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا لاَ يَرْجونَ﴾ [النساء: ١٠٤]. وبها تمام كلامه (٢).
وقيل: معنى الآية: أنتم تحبونهم؛ لأنكم تريدون لهم الإسلام، ولا يحبونكم؛ لأنهم يريدون لكم الضلال.
﴿وتؤمنون بالكتاب كله﴾ هو اسم جنس، يريد: الكتب كلها.
﴿وإذا لقوكم﴾ يعني: المنافقين، وقيل: يعني: اليهود، ﴿قالوا آمنا واذا خلوا عَضُّوا﴾ أي: كَدَمُوا (٣) ﴿عليكم الأنامل﴾ أي: أطراف الأصابع ﴿من الغيظ﴾.
وقيل: إن عضّ الأنامل هاهنا استعارة لشدة الحنق والحقد، وإن لم يكن ثَمَّ عض على الحقيقة، كقول الشاعر:
إِذَا رَأَوْنِي أَطَالَ الله غَيْظَهُمْ...... عَضُّوا مِنَ الغَيْظِ أَطْرَافَ الأَبَاهِيمِ (٤)
ومثله قول أبي طالب:
(٢) أي: الزمخشري في الكشاف.
(٣) كَدَمَهُ يَكْدِمُهُ وَيَكْدُمُهُ: عَضَّهُ بأدنى فمه (اللسان، مادة: كدم).
(٤) البيت للفرزدق، انظر البيت في: البحر المحيط (٣/٤٤)، والدر المصون (٢/١٩٧)، والقرطبي (٤/١٨٢).