فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتَدَعوهم، فإن أقاموا أقاموا بشَرّ، وإن هم دخلوا المدينة قاتلناهم فيها"، وكان رسول الله - ﷺ - يعجبه أن يدخلوا عليه المدينة فيُقَاتَلوا في الأزقة.
فقال رجال من المسلمين ممن فاتهم يوم بدر، وأكرمهم الله بالشهادة يوم أُحُد: اخرج بنا إلى أعدائنا.
فلم يزالوا برسول الله - ﷺ -، من حبهم للقاء العدو، حتى دخل رسول الله - ﷺ - فلبس لأْمَتَهُ (١)، فلما رأوه وقد لبس السلاح، ندموا، وقالوا: نُشير على رسول الله والوحي يأتيه، فقاموا واعتذروا إليه، وقالوا: اصنع ما شئت، فقال - ﷺ -: "لا ينبغي لنبي أن يلبس لأْمَتَهُ فيضعها حتى يقاتل". وكان قد أقام المشركون بأُحُد يوم الأربعاء والخميس، فراح رسول الله - ﷺ - يوم الجمعة بعد ما صَلَّى بأصحابة الجمعة، وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار، فصلَّى عليه، ثم خرج إليهم، فأصبح بالشِّعْب من أُحُد يوم السبت للنصف من شوَّال، سنة ثلاث من الهجرة، وكان من أمر حرب أُحُد ما كان، فذلك قوله: ﴿وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم﴾ (٢).

(١)... اللأْمَةُ: الدّرع (اللسان، مادة: لأم).
(٢)... أخرجه الطبري (٤/٧٠-٧١). وذكره الثعلبي في تفسيره بطوله (٣/١٣٧-١٣٨)، والسيوطي في الدر المنثور (٢/٣٠٣-٣٠٥) وعزاه لابن إسحاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن شهاب ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم، كل حدث بعض الحديث عن يوم أحد. وانظر: سيرة ابن هشام (٣/٨٤٠).


الصفحة التالية
Icon