والمعنى: سميعٌ لما تُظهرون، عليم بما تُضمرون.
قوله: ﴿إذ هَمَّتْ طائفتان منكم أن تفشلا﴾ :"إذ همَّت" بدل من "وإذ غدوت"، أو عمل فيه "سميع عليم" (١).
والطائفتان: حيَّان من الأنصار؛ بنو سلمة من الخزرج، وبنو حارثة من الأوس (٢). وكانا جناحي العسكر، وكان رسولُ الله - ﷺ - خرج في ألف، وقيل: في ألف إلا خمسين.
وذكر الزجاج (٣) : أنهم كانوا ثلاثة آلاف، وكان المشركون في ثلاثة آلاف.
ووعد رسول الله - ﷺ - أصحابه الفتح إن صبروا، فَانْخَزَلَ (٤) عبد الله بن أُبَيّ الخزرجي في ثلاثمائة رجل، فقال: عَلامَ نقتل أنفسنا وأولادنا؟ فتبعهم عبد الله بن حرام، أبو جابر السلمي، فقال: أنشدكم الله في نبيكم، وفي أنفسكم، فقال عبد الله بن أُبَيّ: ﴿لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ﴾ [آل عمران: ١٦٧]، فهمَّت بنو سلمة وبنو حارثة بالانصراف، فعصمهم الله تعالى، فثبتوا، فذكَّرهم الله نعمته بعصمته إياهم (٥).
ومعنى "تَفْشَلا": تَجْبُنا وتَخُورا.

(١) انظر: الدر المصون (٢/٢٠٣).
(٢) تفسير مجاهد (ص: ١٣٤).
(٣) قال في معاني الزجاج (١/٤٦٦) : وكانوا في يوم أحد سبعمائة، والكفار في يوم أحد ثلاثة آلاف. وهو الصحيح.
(٤) انْخَزَلَ: أي: انْفَرَدَ (اللسان، مادة: خزل).
(٥)... أخرجه الطبري (٤/٧٣) عن السدي. وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/٣٠٥) وعزاه لابن جرير عن السدي.


الصفحة التالية
Icon