قلت: وجهه أنهم أَنْزَلُوا النصر، وجاؤوا به.
قوله: ﴿بلى﴾ إيجاب لما بعد "لن". المعنى: بل يكفيكم الإمداد، فأوجب الكفاية بهم، ثم قال: ﴿إن تصبروا﴾ يعني عند لقاء الأعداء، وتتقوا مخالفة الرسول، ﴿ويأتوكم من فورهم هذا﴾ يعني المشركين. والفور: مصدر فار يفور فوراً، وأصله غليان القِدْر، ويقال للغضبان: فَارَ فَائرُهُ؛ إذا اشتدّ (١).
ثم استعير للسرعة، وعدم التعريج على شيء، ويقال: قَفَلَ فلان من فَوْره؛ إذا رجع من سفره لا يلوي على شيء يصدُّه عن الرجوع (٢).
قال ابن عباس: "ويأتوكم من فورهم": من وجههم هذا، أي: يأتوكم مسرعين من وجههم وسفرهم.
وقال مجاهد: "من فورهم": أي: من غضبهم (٣).
وكانوا غضبوا لِمَا أصابهم يوم بدر.
وقرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو: "مُسَوِّمِين" بكسر الواو، وفتحها الباقون (٤).
فمن كَسَرَ فعلى معنى: أنهم قد سوَّموا أنفسهم، أو خيلهم، ويؤيده الحديث،
(٢)... مثل السابق.
(٣)... أخرجه الطبري (٤/٨٠-٨١)، وابن أبي حاتم (٣/٧٥٣)، ومجاهد (ص: ١٣٥). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/٣٠٩) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير.
(٤) الحجة للفارسي (٢/٣٧-٣٨)، والحجة لابن زنجلة (ص: ١٧٣)، والكشف (١/٣٥٥)، والنشر (٢/٢٤٢)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ١٧٩)، والسبعة في القراءات (ص: ٢١٦).