رغبة في ثوابه، ورهبة من عقابه، فقال: ﴿واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام﴾.
قرأ أهل الكوفة: "تَسَاءَلُونَ" بالتخفيف، وشدَّده الباقون (١).
فمن شدَّد: فلأن أصلها تتساءلون - بتائين-، فأدغم التاء في السين؛ لأنها من طرف اللسان وأصول الثنايا.
ومَن خفَّف: حذف التاء الثانية.
والمعنى: تسألون به حوائجكم وحقوقكم، كقول الرجل لأخيه: سألتك بالله، ونشدتك بالله.
"والأرحام" أي: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، أو يكون عطفاً على محل الجار والمجرور، نحو: مررت بزيد وعَمْراً.
ويؤيده قراءة ابن مسعود: "وبالأرحامِ" (٢).
وقرأ حمزة: "والأرحامِ" بالجرّ (٣)، فعطف المظهر على المضمر.
قال سيبويه (٤) : لا يجوز عطف الظاهر على المكني المخفوض من غير إعادة الخافض، إلا في ضرورة الشعر، وأنشد:
فَاليَوْمَ قَرَّبْتَ تَهْجُونَا وَتَشْتِمُنَا... فَاذهَبْ فَمَا بكَ وَالأَيَّامُ مِنْ عَجَب (٥)

(١) الحجة للفارسي (٢/٦٠)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٨٨)، والكشف (١/٣٧٥)، والنشر (٢/٢٤٧)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ١٨٥)، والسبعة في القراءات (ص: ٢٢٦).
(٢) مختصر ابن خالويه في شواذ القرآن (ص: ٢٤). وانظر: البحر المحيط (٣/١٦٥).
(٣) الحجة للفارسي (٢/٦١)، والحجة لابن زنجلة (ص: ١٨٨)، والكشف (١/٣٧٥)، والنشر (٢/٢٤٧)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ١٨٥)، والسبعة في القراءات (ص: ٢٢٦).
(٤) انظر: الكتاب (٢/٣٨٢).
(٥) البيت للأعشى، وينسب لعمرو بن معد يكرب، ولخفاف بن ندبة، ولغيرهم. والشاهد في البيت:
... عطف "الأيام" على الكاف. انظر البيت في: الكتاب لسيبويه (٢/٣٨٣)، وابن يعيش (٣/٧٩)، والخزانة (٢/٣٣٨)، والقرطبي (١٠/١٤)، ومعاني الزجاج (٢/٧)، والوسيط (٢/٦)، والبحر المحيط (٣/١٦٦).


الصفحة التالية
Icon