قوله تعالى: ﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى﴾ اختلفوا في تنزيلها وتأويلها، فقيل: لما نزلت هذه الآية في اليتامى، وما في أكل أموالهم من الحوب الكبير، خاف الأولياء أن يلحقهم الحوب بترك الإقساط في حقوق اليتامى، وأخذوا يتحرجون من ولايتهم.
وكان الرجل ربما كان تحته العشر من الأزواج أو أكثر، أو أقل، فلا يقوم بحقوقهن، ولا يعدل بينهن، فقيل لهم: إن خفتم ترك العدل في أموال اليتامى فتحرجتم منها، فخافوا أيضاً ترك العدل في النساء وقللوا عدد المنكوحات لأن مَن تحرّج من ذنب، أو تاب عنه وهو مرتكب مثله، فهو غير متحرّج ولا تارك لجنس ذلك الإثم.
وهذا المعنى مروي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وقتادة (١)، والسدي، ومقاتل، والأكثرين (٢).
وقيل: كانوا لا يتحرجون من الزنا، وهم يتحرجون من ولاية اليتامى، فقيل لهم: إن خفتم الجَوْر في أموال اليتامى فخافوا الزنا، فانكحوا ما حلّ لكم من

(١) قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، الحافظ العلامة الضرير المفسر. توفي بواسط في الطاعون سنة ثماني عشرة ومائة (تذكرة الحفاظ ١/١٢٣).
(٢) أخرجه الطبري (٤/٢٣٣-٢٣٤)، وابن أبي حاتم (٣/٨٥٧). وذكره مقاتل في تفسيره (١/٢١٤)، والماوردي (١/٤٤٨)، والواحدي في أسباب النزول (ص: ١٤٧)، وابن الجوزي في زاد المسير (٢/٦)، والسيوطي في الدر المنثور (٢/٤٢٨) وعزاه لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير. ومن طريق آخر عن ابن عباس، وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.


الصفحة التالية
Icon