أحدهما: أنه من العدل أيضاً.
قال الزجاج (١) : قَسَطَ وأَقْسَطَ واحد، إلا أن الأفصح أَقْسَطَ؛ إذا عَدَلَ.
الوجه الثاني: أنه من الجَوْر، على أن "لا" مزيدة.
و"اليتامى": جمعٌ لذُكْران الأيتام وإناثهم، وهو جمع يتيمة على القَلْب، كما قيل: أَيَامَى، والأصل: أَيائِم ويَتَائِم.
﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء﴾ أي: ما حلَّ، لأن منهن ما هو حرام.
وقرأ ابن أبي عبلة (٢) :"مَنْ طَابَ" (٣) على الأصل، لأن "مَن" لمن يعقل، على أن العرب تضع "مَن" موضع "ما" و"ما" موضع "مَن". قال الله سبحانه: ﴿وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا﴾ [الشمس: ٥]، وقال: ﴿فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾ [النور: ٤٥].
وحكى أبو عمرو بن العلاء: أن أهل مكة إذا سمعوا الرعد قالوا: سبحان ما يُسبح له الرعد (٤).
وقال ابن جرير (٥) : أراد الفعل ولم يرد أعيان النساء، فلذلك قال: "ما" ولم يقل: "مَن".
وقال مجاهد: فانكحوا النكاح الذي طاب لكم (٦)، فـ "ما" على هذا عبارة عن

(١) انظر: معاني الزجاج (٥/٢٣٥).
(٢) شمر بن يقظان بن المرتحل العقيلي الشامي المقدسي، شيخ فلسطين. توفي سنة اثنتين وخمسين ومائة (طبقات القراء لابن الجزري ١/١٩، وسير أعلام النبلاء ٦/٣٢٣، والثقات ٤/١١).
(٣) انظر: البحر المحيط (٣/١٧٠).
(٤) ذكره الثعلبي (٣/٢٤٦).
(٥) ذكره الطبري (٤/٢٣٦-٢٣٧).
(٦) أخرجه الطبري (٤/٢٣٦)، وابن أبي حاتم (٣/٨٥٨).


الصفحة التالية
Icon