وقال سعيد بن جبير: إن كان الورثة كباراً دعوا لهم، وان كانوا صغاراً قال وليهم: لستُ أملك هذا المال، إنما هو لهؤلاء الصغار، فإذا بلغوا أمرناهم أن يعرفوا حقكم (١).
قوله: ﴿وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً﴾ قال ابن عباس: كان الرجل إذا حضرته الوفاة قعد عنده أصحاب رسول الله - ﷺ -، فقالوا: انظر لنفسك، فإن أولادك لا يغنون عنك من الله شيئاً، فيقدم جُلَّ ماله، وهذا قبل أن تكون الوصية بالثلث، فكره الله ذلك منهم، فأنزل هذه الآية (٢).
والمعنى: ولْيَخَفِ الذين لو تركوا من خلفهم أولاداً صغاراً خافوا عليهم الفقر والضياع، فليتقوا الله إذا حضروا عند الميت، في ذريته وورثته، ﴿وليقولوا قولاً سديداً﴾ عَدْلاً بين الغلو والتقصير.
والسَدَاد والسَدَد والسديد بمعنى.
فانظر إلى هذا اللطف كيف هيَّج سبحانه وتعالى دواعي شفقة الحاضرين عند المُوصِي على ذُرِّيته وورثته، بتذكرهم موتهم، وتخليفهم ذُرِّية ضعافاً ليبعثهم على القول السديد بباعثَيْ الشرع والطبع.
وقيل: إن هذه الآية متعلقة بقوله: ﴿ولا تأكلوها إسرافاً﴾، فيكون الخطاب لأولياء الأيتام، ذكَّرهم الله سبحانه ما يحبون لذُرِّيتهم الضِّعاف بعد موتهم، وما

(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٦/٢٢٥)، والطبري (٤/٢٦٧). وذكره الثعلبي في تفسيره (٣/٢٦٢) عن ابن عباس، والسيوطي في الدر المنثور (٢/٤٤١) وعزاه لابن أبي شيبة وابن جرير.
(٢) أخرجه الطبري (٤/٢٦٩)، وابن أبي حاتم (٣/٨٧٦-٨٧٧)، والثعلبي (٣/٢٦٣). وذكره الواحدي في الوسيط (١/١٥).


الصفحة التالية
Icon