فإن قيل: أي فائدة في قوله: ﴿وورثه أبواه فلأمه الثلث﴾ وهَلاَّ قال: "فإن لم يكن له ولد فلأمه الثُلُث"؟
قلت: المعنى: وورثه أبواه فحسب، لأنه إذا ورثه أبواه مع أحد الزوجين كان للأم ثُلُث الباقي، كما ذكرته آنفاً.
قوله: ﴿فلأمه الثُلُث﴾ قرأ حمزة والكسائي: "فَلإِمِّهِ" بكسر الهمزة، ومثله: ﴿في أُمِّهَا﴾ [القصص: ٥٩]، و ﴿بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ [النحل: ٧٨]، حيث جاء، إذا كان قبل الهمزة كسرة، أو ياء، اتباعاً لما قبلها، وتفرد حمزة بكسر الميم أيضاً مع الهمزة في الجمع. وقرأ الباقون بضم الهمزة، واتفقوا على ضم الهمزة في الابتداء (١).
ومعنى الكلام: فلأمه الثُلُث، والباقي للأب بالتعصيب.
قوله: ﴿فإن كان له إخوة﴾ يريد من أي جهة كانوا ذكوراً أو إناثاً، وقد ذكرنا اختلافهم في حجب الأم من الثُلُث إلى السُدُس بالأخوين آنفاً.
قوله: ﴿من بعد وصية﴾ أي: قسم الميراث على الوجه المذكور إنما يكون بعد تنفيذ وصية الميت وقضاء دَيْنه.
قرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم: "يوصَى" بفتح الصاد في الموضعين، إلا حفصاً، فإنه قرأ "يوصِي" الأول بالكسر، وقرأ الباقون بالكسر فيهما (٢).
قوله: ﴿آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً﴾ المعنى: لا تعلمون

(١) الحُجّة للفارسي (٢/٦٩)، والحجة لابن زنجلة (ص: ١٩٢)، والكشف (١/٣٧٩)، والنشر (٢/٢٤٨)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ١٨٧)، والسبعة في القراءات (ص: ٢٢٧-٢٢٨).
(٢) الحجة للفارسي (٢/٧١)، والحجة لابن زنجلة (ص: ١٩٣)، والكشف (١/٣٨٠)، والنشر وإتحاف فضلاء البشر، الموضعان السابقان، والسبعة في القراءات (ص: ٢٢٨).


الصفحة التالية
Icon