وروي عن عمر: أنه قال -لما طُعِنَ-: كنت أرى أن الكلالة: مَن لا ولد له، وأنا أستحي أن أخالف أبا بكر، الكلالة: مَن عدا الوالد والولد.
وروي عن عمر أيضاً: التوقف، وكان يقول: ثلاثة لأن يكون بيَّنهن رسول الله لنا أحبُّ إليّ من الدنيا وما فيها: الكلالة، والخلافة، والربا (١).
والدليل على صحة قول أبي بكر وجوه:
الأول: التمسك باشتقاق لفظ الكلالة، وفيه وجوه:
الأول: يقال: كَلَّت الرحم بين فلان وفلان؛ إذا تباعدت القرابة، وحمل فلان عن فلان، ثم كَلَّ عنه؛ إذا تباعد، فسمِّيت القرابة البعيدة: كلالة من هذا الوجه.
الثاني: يقال: كَلَّ الرَّجُلُ كَلالَةً وكَلالاً؛ إذا أَعْيا وذهبت قوّته (٢)، ثم جعلوا هذا اللفظ استعارة من القرابة الحاصلة، لا من جهة الولاد، وذلك لأنَّا بيّنا أن هذه القرابة حاصلة بواسطة الغير، فيكون فيها ضعف، وبهذا يظهر أنه يبعد إدخال الوالد في الكلالة، لأن انتسابه إلى الميت بغير واسطة.
الثالث: الكلالة في أصل اللغة: عبارة عن الإحاطة، ومنه: الإكليل (٣) لإحاطته بالرأس، ومنه: الكلّ، لإحاطته بما يدخل فيه، ويقال: تَكَلَّلَ السحاب؛ إذا صار محيطاً بالجوانب (٤).

(١) انظر ما سبق في: تفسير الطبري (٤/٢٨٣) وما بعدها، وابن أبي حاتم (٣/٨٨٧)، وسنن البيهقي الكبرى (٦/٢٢٤) وما بعدها.
(٢) انظر: اللسان، مادة: (كلل).
(٣) الإكليل: شبه عصابة تزين بالجوهر، ويسمى التاج إكليلاً، وكلله تكليلاً: ألبسه الإكليل (مختار الصحاح، مادة: كلل).
(٤) انظر: اللسان، مادة: (كلل).


الصفحة التالية
Icon