عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أبنائكم الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِن اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا
قوله تعالى: ﴿حرمت عليكم أمهاتكم﴾ قال الزجاج (١) : الأصل في أُمَّهَاتٍ: أُمَّاتٌ، ولكن الهاء زيدت مؤكدة، كما زادوا هاء في: أَهْرَقْتُ الماء، وإنما أصله: أَرَقْتُ.
وقيل: الأصل في أُمّ: أُمَّهَة. قال قصي بن كلاب:
.............................. أُمَّهَتِي خِنْدِفُ وَإِليَاسُ أَبي (٢)
والمراد: تحريم نكاحهن، لأنه المتبادر إلى الأفهام عند الإطلاق خصوصاً، وقد احتفت به قرائن في سباق الآية وسياقها، ومن له أنسٌ بعُرف اللغة يعلم أنهم يريدون بقوله: ﴿حرمت عليكم الميتة﴾ [المائدة: ٣] : أكلها، وحُرِّم الطعام، أي: أكله، دون لمسه [وتقليبه] (٣) وحُرِّمت عليكم الجارية، أي: وطؤها، فيذهبون في تحريم كل عَيْن إلى ما هي مُعدَّة له.
وذهب جماعة من الأصوليين إلى أنها مجملة؛ لأن الأعيان لا تتصف بالتحريم حقيقة، وإنما يحرم فعلٌ يتعلق بها، فلا يدرى ما ذلك الفعل في الأمهات مثلاً، أو في
(٢) عجز بيت لقصي بن كلاب، وصدره: (عَبْدٌ يُنَادِيهِمْ بهَالٍ وَهَبي). انظر: اللسان، مادة: (أمم، أمه)، والمحتسب (٢/٢٣٤)، والهمع (١/٢٣)، وشرح المفصل لابن يعيش (١٠/٣)، والخزانة (٣/٣٠٦)، والقرطبي (٥/١٠٧)، والدر المصون (٢/٣٤١)، والأمالي لأبي علي القالي (٢/٣٠١)، وروح المعاني (١٤/٢٠٠).
(٣) في الأصل: وتقبيله. وقد صححت في الهامش إلى: وتقليبه.