فإن قيل: إذا كان الفواحش ما اشتد قبحه من الذنوب كما ذكرت، والإثم جميع المعاصي كما حكيت عن مجاهد، فما باله خص البغي والشرك والقول على الله بغير علم بالذكر؟
قلت: خصَّ هذه الجنايات بالذِّكر وإن اندرجت تحت عموم اللفظ؛ لعظم إثمها وشدة قبحها وتضمنها فرط الاجتراء على الله وقبح الافتراء عليه، فصارت هذه الجنايات بسبب زيادة قبحها وضررها كأنها جنس آخر، فلذلك خصصت بالذكر.
بe@ن٣د٩و أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ قوله تعالى: ﴿ ولكل أمة أجل ﴾ أي: وقت معلوم لهلاكهم، ﴿ فإذا جاء أجلهم ﴾ الذي لهم ﴿ لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ﴾ المعنى: لا يستأخرون قليلاً ولا كثيراً، وإنما خصَّ الساعة بالذكر؛ لأنها أقل أسماء الأوقات في غالب استعمال الناس.
وقيل: إنها نزلت في استعجالهم العذاب.
(١/١١٤)